* (أم يحسدون الناس) *، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحده، * (على ما آتاهم الله من فضله) *، يعني ما أعطاهم من فضله، وذلك أن اليهود قالوا: انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام، ما له هم إلا النساء، يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، فحسدوه على النبوة وعلى كثرة النساء، ولو كان نبيا ما رغب في النساء، يقول الله عز وجل: * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة) *، يعني النبوة، * (وآتيناهم ملكا عظيما) * [آية: 54]، وكان يوسف منهم على مصر، وداود وسليمان منهم، وكان لداود تسعة وتسعون امرأة، وكان لسليمان ثلاثمائة امرأة حرة، وسبعمائة سرية، فكيف تذكرون محمدا في تسع نسوة، ولا تذكرون داود وسليمان، عليهما السلام، فكان هؤلاء أكثر نساء، وأكثر ملكا من محمد صلى الله عليه وسلم.
ومحمد أيضا من آل إبراهيم، وكان إبراهيم ولوطا، وإسحاق، وإسماعيل، ويعقوب، عليهم السلام، يعملون بما في صحف إبراهيم، * (فمنهم) *، يعني من آل إبراهيم * (من آمن به) *، يقول: صدق بالكتاب الذي جاء به، * (ومنهم من صد عنه) *، يعني أعرض عن الإيمان بالكتاب ولم يصدق به، * (وكفى بجهنم سعيرا) * [آية: 55]، يقول: وكفى بوقودها وعذابها وقودا لمن كفر بكتاب إبراهيم، فلا وقود أحر من جهنم لأهل الكفر.
تفسير سورة النساء آية 56 ثم أخبر بمستقر الكفار، فقال سبحانه: * (إن الذين كفروا) *، يعني اليهود، * (بآياتنا) *، يعني القرآن، * (سوف نصليهم نارا كلما نضجت) *، يعني احترقت * (جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) *، جددنا لهم جلودا غيرها، وذلك أن النار إذا أكلت جلودهم بدلت كل يوم سبع مرات على مقدار كل يوم من أيام الدنيا، * (ليذوقوا العذاب) * عذاب النار جديدا، * (إن الله كان عزيزا) * في نقمته، * (حكيما) * [آية: 56]، حكم لهم النار.
تفسير سورة النساء آية 57 ثم أخبر بمستقر المؤمنين، فقال سبحانه: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات) *، يعني البساتين، * (تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا) *، لا يموتون، * (لهم فيها أزواج) *، يعني النساء، * (مطهرة) *، يعني المطهرات من الحيض والغائط والبول