* (والذين إذا فعلوا فاحشة) *، وذلك أن رجلا خرج غازيا وخلف رجلا في أهله وولده، فعرض له الشيطان في أهله، فهوى المرأة، فكان منه ما ندم، فاتى أبا بكر الصديق، رضي الله عنه، فقال: هلكت، قال: وما هلاكك، قال: ما من شيء يناله الرجل من المرأة، إلا وقد نلته غير الجماع، فقال أبو بكر، رضي الله عنه: ويحك، أما علمت أن الله عز وجل يغار للغازي ما لا يغار للقاعد، ثم لقى عمر، رضي الله عنه، فأخبره، فقال له مثل مقالة أبى بكر، رضي الله عنه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له مثل مقالتهما، فأنزل الله عز وجل فيه: * (والذين إذا فعلوا فاحشة) *، يعني الزنا * (أو ظلموا أنفسهم) * ما كان نال منها دون الزنا، * (ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا) * يقيموا * (على ما فعلوا وهم يعلمون) * [آية: 135] أنها معصية.
فمن استغفر ف * (أولئك جزاؤهم مغفرة) * لذنوبهم * (من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) *، يعني مقيمين في الجنان لا يموتون، * (ونعم أجر العاملين) * [آية: 136]، يعني التائبين من الذنوب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' ظلمت نفسك، فاستغفر الله وتب إليه '، فاستغفر الرجل، واستغفر له النبي صلى الله عليه وسلم، نزلت هذه الآية في عمر بن قيس، ويكنى أبا مقبل، وذلك حين أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صدمه حائط، وإذا الدم يسيل على وجهه عقوبة لما فعل، فانتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن بلال بالصلاة، صلاة الأولى، فسأل أبو مقبل النبي صلى الله عليه وسلم ما توبته، فلم يجبه، ودخل المسجد وصلى الأولى، ودخل أبو مقبل وصلى معه، فنزل جبريل، عليه السلام، بتوبته، * (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات) *، يعني الصلوات الخمس * (يذهبن السيئات) * [هود: 114]، يعني الذنوب التي لم تختم بالنار، وليس عليه حد في الزنا وما بين الحدين فهو اللمم، والصلوات الخمس تكفر هذه الذنوب، وكان ذنب أبي مقبل من هذه الذنوب، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأبي مقبل: ' أما توضأت قبل أن تأتينا؟ '، قال:
بلى، قال: ' أما شهدت معنا الصلاة؟ '، قال: بلى، قال: ' فإن الصلاة قد كفرت ذنبك '، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية.
تفسير سورة آل عمران من آية [137 - 139 -]