كان لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، فلما أسلمت العرب طوعا وكرها قبل الخراج، من غير أهل الكتاب، فكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى، وأهل هجر، يدعوهم إلى الإسلام، فكتب: ' من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل هجر، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: إن من شهد شهادتنا، وأكل من ذبيحتنا، واستقبل قبلتنا، ودان بديننا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله عز وجل، وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أسلمتم فلكم ما أسلمتم عليه، ولكم عشر التمر، ولكم نصف عشر الحب، فمن أبى الإسلام، فعليه الجزية '.
فكتب المنذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: إني قرأت كتابك إلى أهل هجر، فمنهم من أسلم، ومنهم من أبى، فأما اليهود والمجوس، فأقروا بالجزية، وكرهوا الإسلام، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم بالجزية. فقال منافقوا أهل المدينة: زعم محمد أنه لم يؤمر أن يأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، فما باله قبل من مجوس أهل هجر، وقد أبى ذلك على آبائنا وإخواننا حتى قاتلهم عليه، فشق على المسلمين قولهم، فذكروه للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * آخر الآية [المائدة: 105]، وأنزل الله عز وجل:
* (لا إكراه في الدين) * بعد إسلام العرب.
قد تبين الرشد من الغي) *، يقول: قد تبين الضلالة من الهدى، * (فمن يكفر بالطاغوت) *، يعني الشيطان، * (ويؤمن بالله) *، بأنه واحد لا شريك له، * (فقد استمسك بالعروة الوثقى) *، يقول: أخذ الثقة، يعني الإسلام، التي * (لا انفصام لها) *، يقول: لا انقطاع له دون الجنة، * (والله سميع) * (لقولهم) * (عليم) * [آية: 265] به.
تفسير سورة البقرة آية [257].
* (والله ولي الذين ءامنوا) *، يعني ولي المؤمنين بالله عز وجل، * (يخرجهم من الظلمات إلى النور) *، يعني من الشرك إلى الإيمان، نظيرها في إبراهيم: * (أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور) * [إبراهيم: 5]؛ لأنه سبق لهم السعادة من الله تعالى في علمه، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجهم الله سبحانه من الشرك إلى الإيمان، ثم قال:
* (والذين كفروا) *، يعني اليهود، * (أولياؤهم الطاغوت) *، يعني كعب بن