الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٣٨٩
تعالى.
رابعا: تفيد كلمة " عبد " في الآية، أن سفر الإسراء قد وقع في اليقظة، وأن رسول الله سافر بجسمه وروحه معا، وأن الإسراء لم يكن سفرا روحانيا معنويا وحسب، لأن الإسراء إذا كان بالروح - وحسب - فهو لا يعدو أن يكون رؤيا في المنام، أو أي وضع شبيه بهذه الحالة، ولكن كلمة " عبد " في الآية تدلل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد سافر بجسمه وروحه، لأن " عبد " معنى يطلق على الروح والجسد معا.
أما الأشخاص الذين لا يستطيعون هضم معجزة الإسراء والمعراج، ولم تستطع عقولهم أن تتعامل مع هذه المعجزة كما هي، فقد عمدوا إلى توجيهها بعنوان الإسراء الروحي في حين أنه لو قال شخص لآخر: إني نقلتك إلى المكان الفلاني فإن المفهوم الصريح للمعنى لا يمكن تأويله باحتمال أن هذا الأمر قد تم في حالة النوم، أو أنه تعبير عن حالة معنوية تمتزج بأبعاد من الوهم والتخيل.
خامسا: لقد كان مبتدأ هذا السفر (الذي كان مقدمة للمعراج كما سنثبت ذلك في محله) هو المسجد الحرام في مكة المكرمة، ومنتهاه المسجد الأقصى في القدس الشريف.
بالطبع هناك كلام كثير للمفسرين عن المكان الدقيق الذي انطلق منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفيما إذا كان هذا المكان بيت أحد أقربائه (باعتبار أن المسجد الحرام قد يطلق أحيانا ومن باب التعظيم على مكة المكرمة بأجمعها) أو أنه انطلق من جوار الكعبة، ولكن ظاهر الآية بلا شك يفيد أن المنطلق في سفر الإسراء كان من المسجد الحرام.
سادسا: لقد كان الهدف من هذا السفر الإعجازي أن يشاهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آيات العظمة الإلهية، وقد استمر سفر الإسراء إلى المعراج صعودا في السماوات لتحقيق هذا الغرض، وهو أن تمتلئ روح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر بدلائل العظمة
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»