الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ٢٣٩
ثم بمعنى الالقاء الخفى.
وقد جاءت كلمة " الوحي " في القرآن الكريم لترمز إلى عدة أشياء، ولكنها بالنتيجة تعود لذلك المعنى، منها:
وحي النبوة: حيث نلاحظ وروده في القرآن بهذا المعنى كثيرا. كما في الآية (51) من سورة الشورى: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا....
ومنها: الوحي بمعنى " الإلهام " سواء كان الملهم منتبها لذلك (كما في الإنسان وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم (1)، أو مع عدم انتباه الملهم كالإلهام الغريزي (كما في النحل) وهو ما ورد في الآية مورد البحث.
ومن المعروف أن الوحي في هذا المورد يعني الأمر الغريزي والباعث الباطني الذي أودعه الله في الكائنات الحية.
ومنها: أن الوحي بمعنى الإشارة، كما ورد في قصة زكريا في الآية (11) من سورة مريم فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا.
ومنها أيضا: إيصال الرسالة بشكل خفي، كما في الآية (112) من سورة الأنعام يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.
3 2 - هل يختص الإلهام الغريزي بالنحل؟
وإذا كان وجود الغرائز (الإلهام الغريزي) غير منحصر بالنحل دون جميع الحيوانات، فلماذا ورد ذكره في الآية في النحل خاصة؟
والإجابة على السؤال تتضح من خلال المقدمة التالية: إن الدراسة الدقيقة التي قام بها العلماء بخصوص حياة النحل، قد أثبتت أن هذه الحشرة العجيبة لها

1 - القصص، 7.
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»