قوله تعالى (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) قال فيه (معناه: قد رأى من آيات ربه الآيات التي الخ) قال أحمد: ويحتمل أن تكون الكبرى صفة آيات ربه لا مفعولا به، ويكون المرئي محذوفا لتفخيم الأمر وتعظيمه، كأنه قال: لقد رأى من آيات ربه الكبرى أمورا عظاما لا يحيط بها الوصف، والحذف في مثل هذا أبلغ وأهول، وهذا والله أعلم أولى من الأول لأن فيه تفخيما لآيات الله الكبرى، وأن فيها ما رآه وفيها ما لم يره، وهو على الوجه الأول يكون مقتضاه أنه رأى جميع الآيات الكبرى على الشمول والعموم. وفيه بعد، فإن آيات الله تعالى مالا يحيط أحد علما بجملتها، فإن قال عام أريد به خاص فقد رجع إلى الوجه الذي ذكرنا، والله أعلم.
قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) قال فيه (اشتقاق اللات من لوى على كذا إذا أقام عليهم لأنهم كانوا الخ) قال أحمد: الأخرى تأنيث آخر، ولا شك أنه في الأصل مشتق من التأخير الوجودي، إلا أن العرب عدلت به عن الاستعمال في التأخير الوجودي إلى الاستعمال حيث يتقدم ذكر مغاير لا غير حتى سلبته دلالته على المعنى الأصلي، بخلاف آخر وآخرة على وزن فاعل وفاعلة فإن إشعارها بالتأخير الوجودي ثابت لم يغير، ومن ثم عدلوا عن أن يقولوا ربيع الآخر على وزن الأفعل، وجمادى الأخرى إلى ربيع الآخر على وزن فاعل، وجمادى الآخرة على وزن فاعلة. لأنهم أرادوا أن يفهموا التأخير الوجودي لأن الأفعل والفعلي من هذا