إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ٩٠
أحدهما هو لغة في الوقف على تاء التأنيث حيث كانت، والثاني أنه دل بالوقف على التاء على إرادة المضاف إليه فهو في تقدير الوصل.
قوله تعالى (في السلم) يقرأ بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام وبفتح السين واللام: وهو الصلح، ويذكر ويؤنث، ومنه قوله تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " ومنهم من قال الكسر بمعنى الإسلام، والفتح بمعنى الصلح (كافة) حال من الفاعل في ادخلوا، وقيل هو حال من السلم: أي في السلم من جميع وجوهه.
قوله تعالى (هل ينظرون) لفظه لفظ الاستفهام ومعناه النفي، ولهذا جاءت بعده إلا (في ظلل) يجوز أن يكون ظرفا وأن يكون حالا، والظلل جمع ظلة، ويقرأ في ظلال، قيل هو جمع ظل، وقيل جمع ظلة أيضا، مثل خلة وخلال وقلة وقلال (من الغمام) يجوز أن يكون وصفا لظلل، ويجوز أن يتعلق من بيأتيهم:
أي يأتيهم من ناحية الغمام، والغمام جمع غمامة (والملائكة) يقرأ بالرفع عطفا على اسم الله، وبالجر عطفا على ظلل، ويجوز أن يعطف على الغمام.
قوله تعالى (سل) فيه لغتان سل واسأل، فماضي اسأل سأل بالهمزة، فاحتيج في الأمر إلى همزة الوصل لسكون السين، وفى سل وجهان: أحدهما أن الهمزة ألقيت حركتها على السين، فاستغنى عن همزة الوصل لتحرك السين. والثاني أنه من سال يسال مثل خاف يخاف وهي لغة فيه، وفيه لغتان ثالثة وهي اسل حكاها الأخفش، ووجهها أنه ألقى حركة الهمزة على السين وحذفها، ولم يعتد بالحركة لكونها عارضة، فلذلك جاء بهمزة الوصل كما قالوا الحمر (كم آتيناهم) الجملة في موضع نصب، لأنها المفعول الثاني لسل، ولا تعمل سل في كم لأنها استفهام، وموضع كم فيه وجهان: أحدهما نصب لأنها المفعول الثاني لآتيناهم، والتقدير: أعشرين آية أعطيناهم، والثاني هي في موضع رفع بالابتداء، وآتيناهم خبرها، والعائد محذوف، والتقدير:
آتيناهموها أو آتيناهم إياها، وهو ضعيف عند سيبويه، و (من آية) تمييز لكم والأحسن إذا فصل بين كم وبين مميزها أن يؤتى بمن (ومن يبدل) في موضع رفع بالابتداء، والعائد الضمير في يبدل، وقيل العائد محذوف تقديره شديد العقاب له 7.
قوله تعالى (زين) إنما حذفت التاء لأجل الفصل بين الفعل وبين ما أسند إليه، ولأن تأنيث الحياة غير حقيقي، وذلك يحسن مع الفصل والوقف على آمنوا (والذين اتقوا) مبتدأ، و (فوقهم) خبره.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست