وأصله نستعون نستفعل من العون فاستقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى العين ثم قلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
قوله تعالى (اهدنا) لفظه أمر والأمر مبنى على السكون عند البصريين، ومعرب عند الكوفيين، فحذف الياء عند البصريين علامة السكون الذي هو بناء، وعند الكوفيين، هو علامة الجزم، وهدى يتعدى إلى مفعول بنفسه فأما تعديه إلى مفعول آخر فقد جاء متعديا إليه بنفسه ومنه هذه الآية، وقد جاء متعديا بإلى كقوله تعالى:
" هداني ربي إلى صراط مستقيم "، وجاء متعديا باللام، ومنه قوله تعالى: (الذي هدانا لهذا).
و (السراط) بالسين هو الأصل لأنه من سرط الشئ إذا بلعه، وسمى الطريق سراطا لجريان الناس فيه كجريان الشئ المبتلع، فمن قرأه بالسين جاء به على الأصل، ومن قرأه بالصاد قلب السين صادا لتجانس الطاء في الإطباق، والسين تشارك الصاد في الصفير والهمس، فلما شاركت الصاد في ذلك قربت منها، فكانت مقاربتها لها مجوزة قلبها إليها لتجانس الطاء في الإطباق، ومن قرأ بالزاي قلب السين زايا، لأن الزاي والسين من حروف الصفير، والزاي أشبه بالطاء لأنهما مجهورتان، ومن أشم الصاد زايا قصد أن يجعلها بين الجهر والإطباق، وأصل (المستقيم) مستقوم ثم عمل فيه ما ذكرنا في نستعين، ومستفعل هنا بمعنى فعيل: أي السراط القويم، ويجوز أن يكون بمعنى القائم، أي الثابت، وسراط الثاني بدلا من الأول، وهو بدل الشئ وهما بمعنى واحد وكلاهما معرفة، والذين اسم موصول وصلته أنعمت، والعائد عليه الهاء والميم، والغرض من وضع الذي وصف المعارف بالجمل، لأن الجمل تفسر بالنكرات والنكرة لا توصف بها المعرفة، والألف واللام في الذي زائدتان وتعريفها بالصلة، ألا ترى أن " من " و " ما " معرفتان ولا لام فيهما فدل أن تعرفهما بالصلة. والأصل في الذين اللذيون، لأن واحده الذي، إلا أن ياء الجمع حذفت ياء الأصل لئلا يجتمع ساكنان، والذين بالياء في كل حال لأنه اسم مبنى، ومن العرب من يجعله في الرفع بالواو، وفى الجر والنصب بالياء كما جعلوا تثنيته بالألف في الرفع وبالياء في الجر والنصب. وفى الذي خمس لغات:
إحداها الذي بلام مفتوحة من غير لام التعريف، وقد قرئ به شاذا، والثانية الذي بسكون الياء، والثالثة بحذفها وإبقاء كسرة الذال، والرابعة حذف الياء وإسكان الذال، والخامسة بياء مشددة.