إملاء ما من به الرحمن - أبو البقاء العكبري - ج ١ - الصفحة ١٥١
والتقدير: أظننتم أن تدخلوا الجنة قبل أن يعلم الله المجاهدين وأن يعلم الصابرين، ويقرب عليك هذا المعنى أنك لو قدرت الواو بمع صح المعنى والإعراب.
قوله تعالى (من قبل أن تلقوه) الجمهور على الجر بمن وإضافته إلى الجملة، وقرئ بضم اللام والتقدير: ولقد كنتم تمنون الموت أن تلقوه من قبل، فأن تلقوه بدل من الموت بدل الاشتمال والمراد لقاء أسباب الموت لأنه قال (فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) وإذا رأى الموت لم تبق بعده حياة. ويقرأ " تلاقوه " وهو من المفاعلة التي تكون بين اثنين لأن ما لقيك فقد لقيته، ويجوز أن تكون من واحد مثل سافرت.
قوله تعالى (قد خلت من قبله الرسل) في موضع رفع صفة لرسول، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في رسول، وقرأ ابن عباس " رسل " نكرة، وهو قريب من معنى المعرفة، ومن متعلقة بخلت، ويجوز أن يكون حالا من الرسل (أفإن مات) الهمزة عند سيبويه في موضعها، والفاء تدل على تعلق الشرط بما قبله. وقال يونس: الهمزة في مثل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط تقديره: أتنقلبون على أعقابكم إن مات، لأن الغرض التنبيه أو التوبيخ على هذا الفعل المشروط. ومذهب سيبويه الحق لوجهين: أحدهما أنك لو قد مت الجواب لم يكن للفاء وجه، إذ لا يصح أن تقول أتزورني فإن زرتك، ومنه قوله " أفإن مت فهم الخالدون " والثاني أن الهمزة لها صدر الكلام، وإن لها صدر الكلام وقد وقعا في موضعها، والمعنى يتم بدخول الهمزة على جملة الشرط، والجواب لأنهما كالشئ الواحد (على أعقابكم) حال: أي راجعين.
قوله تعالى (وما كان لنفس أن تموت) أي تموت اسم كان، و (إلا بإذن الله) الخبر واللام للتبيين متعلقة بكان، وقيل هي متعلقة بمحذوف تقديره: الموت لنفس، وأن تموت تبيين للمحذوف، ولا يجوز أن تتعلق اللام بتموت لما فيه من تقديم الصلة على الموصول، قال الزجاج التقدير: وما كان نفس لتموت، ثم قدمت اللام (كتابا) مصدر: أي كتب ذلك كتابا (ومن يرد ثواب الدنيا) بالإظهار على الأصل وبالإدغام لتقاربهما (نؤته منها) مثل " يؤده إليك " (وسنجزي) بالنون والياء، والمعنى مفهوم.
قوله تعالى (وكأين) الأصل فيه أي التي هي بعض من كل أدخلت عليها كاف التشبيه وصارا في معنى كم التي للتكثير، كما جعلت الكاف مع ذا في قولهم كذا لمعنى
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست