تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٧٢٠
علمهم " (1). وتدارك من: تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك. ومعنى الإضراب ثلاث مرات أنه وصفهم أولا بأنهم " لا يشعرون " وقت البعث، ثم بأنهم * (لا يعلمون) * بأن القيامة كائنة، ثم بأنهم * (في شك) * يستطيعون إزالته ولا يزيلونه، ثم بما هو أسوأ حالا وهو العمى، وجعل الآخرة مبدأ إعمائهم فلذلك عداه ب‍ " من " دون " عن "، لأن الكفر بالعاقبة هو الذي جعلهم كالبهائم لا يتدبرون.
والعامل في * (إذا) * ما دل عليه * (أئنا لمخرجون) * وهو تخرج، لأن بين يدي " عمل " اسم فاعل فيه موانع من العمل، وهي: همزة الاستفهام و " إن " ولام الابتداء، واحدة منها كافية، فكيف إذا اجتمع الجميع. والمراد: الإخراج من الأرض أو من حال الفناء إلى الحياة، وتكرير حرف الاستفهام بإدخاله على " إذا " و " إن " جميعا إنكار على إنكار وجحود بعد جحود، والضمير في * (إنا) * لهم ولآبائهم، لأن كونهم * (ترابا) * قد تناولهم وآباءهم. فانظر * (كيف كان عقبة المجرمين) * أي: الكافرين. * (ولا تحزن عليهم) * لأنهم لم يتبعوك، والمراد: لم يسلموا * (ولا تكن في) * حرج صدر من مكرهم وكيدهم، ولا تبال بذلك، فإن الله يعصمك منهم، يقال: ضاق الشئ ضيقا بالفتح والكسر، وقد قرئ بهما جميعا (2).
استعجلوا العذاب الموعود، فقيل لهم: * (عسى أن يكون) * ردفكم بعضه وهو عذاب يوم بدر، فزيدت اللام للتأكيد كما زيدت الباء في * (ولا تلقوا بأيديكم) * (3)، أو ضمن * (ردف) * معنى فعل يتعدى باللام نحو: دنا لكم وأزف لكم، والمعنى: تبعكم ولحقكم، و " عسى " و " لعل " و " سوف " في وعد الملوك

(١) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج ٣ ص ٣٧٩.
(٢) قرأ ابن كثير والمسيبي وإسماعيل كلاهما عن نافع بكسر الضاد، وقرأ الباقون بفتحها. راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص ٤٨٥.
(٣) البقرة: ١٩٥.
(٧٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 715 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 ... » »»