تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٦٧٣
يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون (35) قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حشرين (36) يأتوك بكل سحار عليم (37) فجمع السحرة لميقات يوم معلوم (38) وقيل للناس هل أنتم مجتمعون (39) لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين (40) فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين (41) قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين (42)) * * (وما رب العلمين) * يريد: وأي شئ هو من الأشياء المشاهدة؟ فأجابه موسى بما يستدل عليه من أفعاله ليعرفه أنه ليس بشئ يمكن أن يشاهد من الأجسام والأعراض، وإنما هو شئ مخالف لجميع الأشياء، ليس كمثله شئ، منشئ * (السماوات والأرض) * ومبدعهما * (وما بينهما إن كنتم موقنين) * بأن هذه الأشياء محدثة منشأة وليست من فعلكم، والمحدث لابد له من محدث.
فلما أجاب موسى بما أجاب عجب فرعون قومه من جوابه حيث نسب الربوبية إلى غيره. فلما ثنى موسى (عليه السلام) بتقرير قوله نسبه فرعون إلى الجنون وأضافه إلى قومه حيث سماه " رسولهم " طنزا به (1).
فلما ثلث (عليه السلام) بتقرير آخر غضب وقال: * (لئن اتخذت إلها غيري) * وعارض موسى (عليه السلام) قوله: * (إن رسولكم... لمجنون) * بقوله: * (إن كنتم تعقلون) *.
* (أولو جئتك) * الواو للحال، دخلت عليها همزة الاستفهام، والمعنى: أتفعل ذلك بي ولو جئتك * (بشئ مبين) * أي: جائيا بالمعجز الظاهر.
وفي قوله: * (إن كنت من الصدقين) * أن المعجز لا يأتي به إلا الصادق في دعواه، لأنه يجري مجرى التصديق من الله تعالى، فلابد من يدل على الصادق،

(1) طنز طنزا به: سخر منه. (لسان العرب: مادة طنز).
(٦٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 668 669 670 671 672 673 674 675 676 677 678 ... » »»