تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٥
والري والكسوة والكن (1) هي الأقطاب التي يدور عليها كفاف الإنسان، فذكر سبحانه استجماعها له في الجنة، وأنه لا يحتاج إلى كفاية كاف ولا إلى كسب كاسب كما أن أهل الدنيا يحتاجون إلى ذلك، وذكرها بلفظ النفي لنقائضها التي هي الجوع والعري والظمأ والضحي ليطرق سمعه بأسامي أصناف الشقوة التي حذره منها حتى يتحرز عن السبب الموقع فيها كراهة لها.
* (فوسوس إليه الشيطان) * أي: أنهى (2) إليه الوسوسة كما يقال: أسر إليه، وأضاف ال‍ * (شجرة) * إلى * (الخلد) * وهو الخلود، لأن من أكل * (منها) * خلد بزعمه.
وطفق يفعل كذا مثل: جعل يفعل، وأخذ يفعل، وحكمها حكم " كاد " في أن خبرها الفعل المضارع، وهي للشروع في أول الأمر، و " كاد " للدنو من الأمر * (يخصفان عليهما) * أي: يلزقان بسوءاتهما * (من ورق الجنة) * للتستر، وهو ورق التين * (وعصى آدم ربه) * أي: خالف ما أمره به ربه، والمعصية: مخالفة الأمر، سواء كان الأمر واجبا أو ندبا * (فغوى) * أي: فخاب من الثواب الذي كان يستحقه على فعل المأمور به، أو خاب مما كان يطمع فيه بأكل الشجرة من الخلود، ويستشهد على ذلك بقول الشاعر:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره * ومن يغو لا يعدم على الغي لائما (3) * (ثم اجتباه ربه) * أي: اصطفاه ربه وقربه إليه، من قولهم: جبى إلي كذا فاجتبيته * (فتاب عليه) * أي: قبل توبته وهداه إلى ذكره، وقيل: هداه للكلمات التي تلقاها منه (4). ولما كان آدم وحواء أصلي البشر جعلا كأنهما البشر، فخوطبا

(1) الكن: البيت، والجمع: أكنان وأكنة. (لسان العرب: مادة كنن).
(2) الانهاء: الإبلاغ. (الصحاح: مادة نهى).
(3) والبيت للمرقش الأصغر. تقدم شرحه وبيان معناه.
(4) قاله السمرقندي في تفسيره: ج 2 ص 357.
(٥٠٥)
مفاتيح البحث: الأكل (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 500 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 ... » »»