وهو استئناف، كأنه قيل: كيف العبرة؟ فقيل: نسقيكم * (مما في بطونه) *، وإذا ذكر * (الانعام) * فعلى أن يكون اسما مفردا بمعنى الجمع، مثل " نعم " في قوله:
في كل عام نعم تحوونه * يلقحه قوم وتنتجونه (1) وإذا أنث فلأنه تكسير نعم، والمعنى: أنه سبحانه يخلق اللبن وسيطا بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله عز وجل لا يشوبانه ولا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة، بل هو خالص من ذلك كله * (سائغا) * أي: سهل المرور في الحلق، و * (من) * الأولى للتبعيض، لأن اللبن بعض ما في بطونه، والثانية لابتداء الغاية، لأن بين الفرث والدم مكان الإسقاء الذي منه يبتدئ.
* (ومن ثمرا ت النخيل) * يتعلق بمحذوف، والتقدير: ونسقيكم من ثمرات النخيل * (والأعناب) * أي: من عصيرها، و * (تتخذون منه سكرا) * بيان لكيفية الإسقاء، أو يتعلق ب * (تتخذون) * وتكون * (منه) * تكريرا للظرف للتوكيد، والهاء في * (منه) * يعود إلى " الثمرات " لأن " الثمر " بمعنى " الثمرات "، ويجوز أن يعود إلى موصوف محذوف و * (تتخذون) * صفة له، والتقدير: ما تتخذون منه سكرا، وتكون " ما " نكرة موصوفة، أو: ثمر تتخذون منه سكرا * (ورزقا حسنا) * لأنهم كانوا يأكلون بعضها ويتخذون بعضها سكرا، والسكر: الخمر وكل ما يسكر، سميت بالمصدر من سكر سكرا وسكرا، قال:
فجاؤونا بهم سكر علينا * فأجلى اليوم والسكران صاحي (2)