تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٥
وهو استئناف، كأنه قيل: كيف العبرة؟ فقيل: نسقيكم * (مما في بطونه) *، وإذا ذكر * (الانعام) * فعلى أن يكون اسما مفردا بمعنى الجمع، مثل " نعم " في قوله:
في كل عام نعم تحوونه * يلقحه قوم وتنتجونه (1) وإذا أنث فلأنه تكسير نعم، والمعنى: أنه سبحانه يخلق اللبن وسيطا بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله عز وجل لا يشوبانه ولا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة، بل هو خالص من ذلك كله * (سائغا) * أي: سهل المرور في الحلق، و * (من) * الأولى للتبعيض، لأن اللبن بعض ما في بطونه، والثانية لابتداء الغاية، لأن بين الفرث والدم مكان الإسقاء الذي منه يبتدئ.
* (ومن ثمرا ت النخيل) * يتعلق بمحذوف، والتقدير: ونسقيكم من ثمرات النخيل * (والأعناب) * أي: من عصيرها، و * (تتخذون منه سكرا) * بيان لكيفية الإسقاء، أو يتعلق ب‍ * (تتخذون) * وتكون * (منه) * تكريرا للظرف للتوكيد، والهاء في * (منه) * يعود إلى " الثمرات " لأن " الثمر " بمعنى " الثمرات "، ويجوز أن يعود إلى موصوف محذوف و * (تتخذون) * صفة له، والتقدير: ما تتخذون منه سكرا، وتكون " ما " نكرة موصوفة، أو: ثمر تتخذون منه سكرا * (ورزقا حسنا) * لأنهم كانوا يأكلون بعضها ويتخذون بعضها سكرا، والسكر: الخمر وكل ما يسكر، سميت بالمصدر من سكر سكرا وسكرا، قال:
فجاؤونا بهم سكر علينا * فأجلى اليوم والسكران صاحي (2)

(1) وقائله: قيس بن الحصين الحارثي من بني سعد، يخاطب فيها قوما من اللصوص المغيرين، يقول لهم: أنتم تحوون كل عام نعما لأناس ألقحوه وجهدوا في سبيله ثم إنكم تنتجونه وتستفيدون من فوائده في حيكم. انظر شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 554.
(2) لم نعثر على قائله فيما توفرت لدينا من مصادر، وفيه يذم الشاعر قوما موصوفين بالغضب أرادوا الحرب مع قوم الشاعر، لكن لشجاعة قومه وبطشهم كشفوهم وهزموهم، فكأن قومه كانوا في سكرة وحيرة وفي اللقاء صحوا من سكرتهم وشمروا عن ساعدهم فهزموا القوم.
راجع شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص 361.
(٣٣٥)
مفاتيح البحث: الحلق (1)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»