تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٥
وقرئ: * (يقنط) * بكسر النون (1) وفتحها * (إلا الضالون) * أي: المخطئون سبيل الصواب، يعني: لم أستنكره قنوطا من رحمته ولكن استبعادا له في العادة الجارية بين الخلق * (فما خطبكم) * أي: فما شأنكم الذي بعثتم له؟
وقوله: * (إلا آل لوط) * إن كان استثناء من * (قوم) * كان منقطعا، لأن القوم موصوفون بالإجرام فاختلف لذلك الجنسان، وإن كان استثناء من الضمير في * (مجرمين) * كان متصلا، كأنه قال: * (إلى قوم) * قد أجرموا كلهم إلا آل لوط.
وقوله: * (إلا امرأته) * استثناء من الضمير المجرور في * (لمنجوهم) * وليس استثناء من الاستثناء * (إنها لمن الغابرين) * تعليق، لأن التقدير يتضمن معنى العلم، ولذلك فسر العلماء تقدير الله تعالى أعمال العباد بالعلم (2)، وإنما أسند الملائكة فعل التقدير إلى أنفسهم وهو لله تعالى لما لهم من القرب والاختصاص بالله، كما يقول خاصة الملك: فعلنا كذا وأمرنا بكذا، والمدبر والآمر هو الملك لا هم، وقرئ: " قدرنا " بالتخفيف (3) وكذلك في النمل (4).
* (فلما جاء آل لوط المرسلون (61) قال إنكم قوم منكرون (62) قالوا بل جئنك بما كانوا فيه يمترون (63) وأتيناك بالحق وإنا

(١) قرأه أبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف والحسن البصري والأعمش. راجع الكشف عن وجوه القراءات للقيسي: ج ٢ ص ٣١، وتفسير البغوي: ج ٣ ص ٥٣.
(2) قسم علماء الكلام التقدير إلى مراتب أو أقسام ثلاثة: التشريعي والعيني والعلمي، وهذا الأخير عرفوه بأنه عبارة عن تحديد كل شئ بخصوصياته في علمه الأزلي سبحانه وتعالى قبل ايجادها، فهو تعالى يعلم حد كل شئ ومقداره وخصوصياته الجسمانية وغير الجسمانية، وقد أشير إليه في آيات الكتاب المجيد، قال سبحانه: * (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتبا مؤجلا) *، وقال جل شأنه: * (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتب إن ذلك على الله يسير) *. انظر الإلهيات للسبحاني: ص 266.
(3) قرأه أبو بكر والمفضل. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 487.
(4) الآية: 57.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»