خلقهن لحكمة بالغة، وهي أن يجعلها مساكن لعباده، وينعم عليهم فيها بفنون النعم، ويكلفهم ويعرضهم لثواب الآخرة، ولما أشبه ذلك اختبار المختبر قال:
* (ليبلوكم) * أي: ليفعل بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم كيف تعملون * (أيكم أحسن عملا) * تعليق، لأن في الاختبار معنى العلم، وهو طريق إليه، والذين هم أحسن عملا: هم المتقون، فخصهم بالذكر تشريفا لهم وترغيبا في حيازة فضلهم * (ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت) * فتوقعوه لقالوا: * (إن هذا إلا سحر مبين) * أي: أمر باطل، وأشاروا بهذا إلى القرآن لأن القرآن هو الناطق بالبعث، فإذا جعلوه سحرا فقد اندرج تحته إنكار ما فيه من البعث وغيره، وقرئ: " إلا ساحر " (1) يريدون الرسول.
و * (العذاب) * عذاب الآخرة، وقيل: عذاب يوم بدر (2) * (إلى أمة) * أي:
حين، والمعنى: إلى جماعة من الأوقات * (ليقولن ما يحبسه) * أي: ما يمنعه من النزول استعجالا له، و * (يوم يأتيهم) * منصوب بخبر * (ليس) *، وفيه دليل (3) على جواز تقديم خبر " ليس " على " ليس "، لأن المعمول لا يقع إلا حيث يجوز وقوع العامل فيه، ووضع * (يستهزءون) * موضع يستعجلون، لأن استعجالهم كان على وجه الاستهزاء * (وحاق) * في معنى: " يحيق " إلا أنه جاء على عادة الله في إخباره.
* (ولئن أذقنا الانسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور (9) ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عنى إنه لفرح