التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٧١
صغاره. وبه قال الحسن وقتادة والضحاك، وسمي المرجان بذلك لأنه حب من الجوهر كبير مختلط به مرجت أي خلطت. وإنما جاز أن يقول يخرج منهما، وهو يخرج من الملح دون العذب، لان العذب والملح يلتقيان فيكون العذب كاللقاح للملح، كما يقال يخرج الولد من الذكر والأنثى، وإنما تلده الأنثى. وقال قوم:
لا يخرج اللؤلؤ إلا من الموضع الذي يلتقي فيه العذب والملح، وذلك معروف عند الغواصين. وقال الزجاج: لأنه إذا أخرجه من أحدهما فقد أخرجه من الآخر، لأنه داخل فيهما وقال ابن عباس: إذا جاء القطر من السماء تفتحت الأصداف فكان من ذلك القطر اللؤلؤ. وقال قوم المعنى من جهتهما ولا يجب إنه من كل واحد منهما، والأول وجه التأويل.
وقوله " وله الجوار المنشآت " والجوار جمع جارية وهي السفينة لأنها تجري في الماء بأمر الله تعالى. والجارية المرأة الشابة، لأنه يجري فيها ماء الشباب، والمنشئات المبتدءات للسير برفع القلاع. وقال مجاهد: ما رفع له القلاع، فهو منشأ وما لم يرفع قلاعه فليس بمنشأ، فجعل الانشاء برفع القلاع. والاعلام الجبال واحدها علم سمي بذلك لارتفاعه كارتفاع الاعلام المعروفة. وقال جرير:
إذا قطعن علما بعد علم * حتى تناهين بنا إلى حكم (1) وقيل كالاعلام في العظم. وقوله " كل من عليها فان " إخبار من الله تعالى أن جميع من على وجه الأرض من العقلاء يفنون ويخرجون من الوجود إلى العدم. وإذا ثبت ذلك وكانت الجواهر لا تفنى إلا بفناء يضادها على الوجود، فإذا وجد الفناء انتفت الجواهر كلها، لأنها اختصاص له بجوهر دون جوهر، فالآية دالة على عدم جميع الأجسام على ما قلناه، لأنه إذا ثبت عدم العقلاء بالآية ثبت

(١) مجاز القرآن 2 / 244 والقرطبي 17 / 164
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست