التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٨٧
معناه من طين علك خلق آدم منه ونسب ولده إليه. وقوله * (بل عجبت ويسخرون) * فمن ضم التاء أراد أن النبي صلى الله عليه وآله أمره الله أن يخبر عن نفسه انه عجب من هذا القرآن حين أعطيه، وسخر منه أهل الضلالة. قال المبرد:
وتقديره قل بل عجبت. ومن فتح التاء أراد ان الله تعالى خاطبه بذلك.
والعجب تغير النفس بما خفي فيه السبب في: ما لم تجر به العادة، يقال: عجب يعجب عجبا وتعجب تعجبا. والمعنى في الضم على ما روي عن علي عليه السلام وابن مسعود ليس على أنه بعجيب كما يعجب، لان الله تعالى عالم بالأشياء على حقائقها، وإنما المعنى انه يجازي على العجب كما قال * (فيسخرون منهم سخر الله منهم) * (1) (ومكروا ومكر الله) * (2) ويجوز أن يكون المعنى قد حلوا محل من يعجب منهم. والفتح على عجب النبي صلى الله عليه وآله * (ويسخرون) * معناه يهزؤن بدعائك إياهم إلى الله. والنظر في دلائله وآياته. * (وإذا ذكروا) * بآيات الله وحججه وخوفوا بها * (لا يذكرون) * أي لا يتفكرون، ولا ينتفعون بها * (وإذا رأوا آية) * من آيات الله تعالى * (يستسخرون) * أي يسخرون وهما لغتان. وقيل: معناه يطلب بعضهم من بعض أن يسخروا ويهزؤا بآيات الله، فيقولون ليس هذا الذي تدعونا إليه من القرآن وتدعيه أنه من عند الله * (إلا سحر مبين) * أي ظاهر بين.
وحكى انهم يقولون أيضا * (أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون) * بعد ذلك ومحشورون ومجازون؟! * (أو آباؤنا الأولون) * الذين تقدمونا بهاه الصفة، واللفظ لفظ الاستفهام والمراد بذلك التهزي والاستبعاد لان يكون

(1) سورة 9 التوبة آية 80 (2) سورة 3 آل عمران آية 54
(٤٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»
الفهرست