التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٨٦
عامر * (أو آباؤنا) * بسكون الواو - هنا وفي الواقعة - إلا أن ورشا على أصله في إلقاء حركة الهمزة على الواو. الباقون بفتح الواو.
وهذا خطاب من الله تعالى لنبيه يأمره بأن يستفتي هؤلاء الكفار وهو أن يسألهم أن يحكموا بما تقتضيه عقولهم، ويعدلوا عن الهوى واتباعه، فالاستفتاء طلب الحكم * (أهم أشد خلقا أم من خلقنا) * يعني من قبلهم من الأمم الماضية والقرون الخالية، فإنه تعالى قد أهلك الأمم الماضية الذين هم أشد خلقا منهم لكفرهم، ولهم مثل ذلك إن أقاموا على الكفر. وقيل:
المعنى أهم أشد خلقا منهم بكفرهم، وهم مثل ذلك أم من خلقنا من الملائكة والسماوات والأرضين، فقال: أم من خلقنا، لان الملائكة تعقل، فغلب ذلك على مالا يعقل من السماوات، والشدة قوة الفتل وهو بخلاف القدرة والقوة. وكل شدة قوة، وليس كل قوة شدة، وأشد خلقا ما كان فيه قوة يمنع بها فتله إلى المراد به.
ثم اخبر تعالى انه خلقهم من طين لازب. والمراد انه خلق آدم من طين، وإن هؤلاء نسله وذريته، فكأنهم خلقوا من طين، ومعنى * (لازب) * لازم فأبدلت الميم باء، لأنها من مخرجها، يقولون: طين لازب وطين لازم قال النابغة:
ولا يحسبون الخير لا شر بعده * ولا يحسبون الشر ضربة لازب (1) وبعض بني عقيل يبدلون من الزاي تاء. فيقولون: لاتب، ويقولون: لزب، ولتب، ويقال: لزب يلزب لزوبا. وقال ابن عباس: اللازب الملتصق من الطين الحر الجيد. وقال قتادة: هو الذي يلزق باليد. وقال مجاهد: معناه لازق: وقيل:

(١) مجاز القرآن 2 / 167 القرطبي 15 / 69
(٤٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 ... » »»
الفهرست