التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٣٩
اسكان العين منه. ومثله في قوله " وأحيط بثمره ". وقال بعض أهل اللغة:
الثمر المال، والثمر المأكول. وجاء في التفسير (إن الثمر النخل والشجر) ولم يرد به الثمر. فالثمر - على ما روي عن جماعة من السلف - الأصول التي تحمل الثمرة لا نفس الثمرة بدلالة قوله " فأصبح يقلب كفيه على ما انفق فيها " أي في الجنة والنفقة إنما تكون على ذوات الثمر في الأكثر، فكأن الآية التي أرسلت عليها اصطلمت الأصول واجتاحتها، كما قال تعالى في صفة الجنة الأخرى " فأصبحت كالصريم " (1) أي كالليل في سواده لاحتراقها بعد أن كانت كالنهار في بياضها. وحكي عن أبي عمرو، إن الثمرة والثمر أنواع المال من الذهب والفضة وغيرهما يقال: فلان مثمر أي كثير المال، ذهب إليه مجاهد وغيره.
اخبر الله تعالى في الآية الأولى عما للمؤمنين الذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين أخبر عنهم بأنه لا يضيع عملهم الحسن، وما قد أعد لهم، فقال " لهم جنات عدن " والجنات جمع جنة، وهي البستان الذي فيها الشجر. ومعنى (عدن) أي موضع إقامة، وإنما سمي بذلك. لأنهم يبقون فيها ببقاء الله دائما وأبدا، والعدن الإقامة.
وقيل: هو اسم من أسماء الجنة - في قول الحسن - ويقال عدن بالمكان يعدن عدنا إذا أقام فيه، فسمى الجنة عدنا من إقامة الخلق فيها. ثم وصف هذه الجنة، فقال " تجري من تحتهم الأنهار " وقيل في معنا ذلك قولان:
أحدهما - إن انهار الجنة في أخاديد من الأرض، فلذلك قال من تحتهم.
الثاني - انهم على غرف فيها فالأنهار تجري من تحتهم، كما قال تعالى " وهم في الغرفات آمنون " (2).

(1) سورة 68 - القلم آية 20 (2) سورة 34 سبأ آية 37
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست