نسبناه إلى الكفر.
والثالث - لا تطع من أغفلنا قلبه أي جعلناه غافلا بتعرضه للغفلة. وقيل لم يسمه الله بما يسم به قلوب المؤمنين مما ينبئ عن فلاحهم، كما قال " كتب في قلوبهم الايمان " (1).
" واتبع هواه " يعني الذي أغفلناه عن ذكرنا " اتبع هواه، وكان أمره فرطا " معناه تجاوزا للحق وخروجا عنه، من قولهم أفرط إفراطا إذا أسرف، فاما فرط فمعناه قصر عن التقدم إلى الحق الذي يلزمه. وقيل معناه وكان أمره سرفا. ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله أن يقول لهم الذي أتيتكم به هو الحق من ربكم الذي خلقكم " فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر " صورته صورة الامر والمراد به التهديد وهو آكد في التهدد من جهة أنه كأنه مأمور بما يوجب اهانته. ثم أخبر أنه أعد للظالمين العصاة نارا أحاط بهم سرادقها فالسرادق المحيط بما فيه مما ينقل معه والأصل سرادق الفسطاط قال رؤبة:
يا حكم بن المنذر بن الجارود * سرادق المجد إليك ممدود (2) وقال ابن عباس سرادقها حائط من نار يطيف بهم، وقيل سرادقها دخانها قبل وصولهم إليها. وقيل السرادق ثوب يدار حول الفسطاط.
وقوله " وإن يستغيثوا " معناه إن طلبوا الغوث والنجاة، وطلبوا ماء لشدة ما هم فيه من العذاب " اغيثوا بماء كالمهل " والمهل كل شئ أذيب حتى ماع، كالصفر والرصاص والذهب والحديد، وغير ذلك - في قول ابن مسعود - وقال مجاهد: هو القيح والدم. وقال ابن عباس هو دردي الزيت.