عاصم على أنه مفعول ثان من قوله (جعلناه للناس سواء) أي مساويا، كما قال (انا جعلناه قرآنا عربيا). (1) ويرتفع (العاكف) في هذه القراءة بفعله أي يستوي العاكف والبادي. ومن رفع (سواء) جعله ابتداءا وخبرا، كما تقول: مررت برجل سواء عنده الخير والشر، وتقديره العاكف والبادي سواء فيه بالنزول فيه. وقال مجاهد:
معناه إنهم سواء في حرمته وحق الله عليهما فيه. واستدل بذلك قوم على أن أجرة المنازل في أيام الموسم محرمة، وقال غيرهم: هذا ليس بصحيح، لان المراد به سواء العاكف فيه والباد، في ما يلزمه من فرائض الله تعالى فيه، فليس لهم أن يمنعوه من الدور، والمنازل، فهي لملاكها. وهو قول الحسن. وإنما عطف بالمستقبل على الماضي من قوله (كفروا، ويصدون) لان المعنى ومن شأنهم الصد، ونظيره (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله) (2) ويجوز في (سواء) الرفع والنصب والجر، فالنصب على أن يكون المفعول الثاني ل (جعلناه) على ما بيناه، والرفع على تقدير: هم سواء فيه. والجر على البدل من قوله (للناس سواء).
وقوله (ومن يرد فيه بالحاد بظلم) معناه من أرادته فيه بالحاد كما قال الشاعر:
أريد لانسى ذكرها فكأنما * تمثل لي ليلى بكل سبيل (3) ذكره الزجاج. والباء في قوله (بالحاد) مؤكدة. والباء في قوله (بظلم) للتعدية، ومثله قول الشاعر:
بواد يمان ينبت الشث صدره * وأسفله بالمرخ والشبهان (4)