التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٩٠
في الاذن دلالة على إرادة المأذون فيه، كقوله " وإذا حللتم فاصطادوا " (1) فهذا إذن. ثم قال فرعون " انه " يعني موسى " لكبيركم " اي رئيسكم ومتقدمكم " الذي علمكم السحر " ثم هددهم فقال " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف " يعني قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى أو اليد اليسرى والرجل اليمنى. وقيل أول من فعل ذلك فرعون، وأول من صلب في جذوع النخل هو، و (في) بمعنى (على) قال الشاعر:
وهم صلبوا العبدي في جذع نخلة * فلا عطست شيبان إلا بأجدعا (2) وقوله " ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى " قال ابن إسحاق ومحمد بن كعب القرطي معناه: أبقى عقابا ان عصي وثوابا ان أطيع، ورفع " أينا " لأنه وقع موقع الاستفهام، ولم يعمل فيه ما قبله من العلم. وقيل إنما نسبهم إلى اتباع رئيسهم في السحر ليصرف بذلك الناس عن اتباع موسى (ع) فأجابته السحرة فقالوا " لن نؤثرك " أي لا نختارك يا فرعون " على ما جاءنا من البينات " يعني الأدلة الدالة على صدق موسى وصحة نبوته. وقوله " والذي فطرنا " يعني وعلى الذي خلقنا فيكون عطفا على " ما جاءنا من البينات " فيكون جرا، ويحتمل أن يكون جرا بأنه قسم. وقوله " فاقض ما أنت قاض " معناه فاصنع ما أنت صانع على تمام من قولهم: قضى فلان حاجتي إذا صنع ما أريد على اتمام، قال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما * داود أو صنع السوابغ تبع (3) وقوله " إنما تقضي هذه الحياة الدنيا " يعنى إنما تصنع بسلطانك وعذابك في هذه الحياة الدنيا دون الآخرة. وقيل: معناه ان الذي يفنى وينقضي هذه الحياة

(1) سورة، 5، المائدة آية 3 (2) تفسير الشوكاني 3 / 363 والقرطبي 11 / 224 والطبري 16 / 126 (3) مر هذا البيت في 1 / 429 و 4 / 88 و 165 و 5 / 398
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست