التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٢١
عينا " ونصبه على التمييز كقوله " فان طبن لكم عن شئ منه نفسا " (1) وقيل في معنا " قري عينا " قولان: أحدهما - لتبرد عينك برد سرور بما ترى.
الثاني - لتسكن سكون سرور برؤيتها ما تحب، يقال قررت به عينا أقر قرورا وهي لغة قريش. وأهل نجد يقولون: قررت به عينا - بفتح العين - أقر قرارا، كما يقولون قررت بالمكان - بالفتح.
وقوله (فاما ترين من البشر أحدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما) قال الجبائي: كان الله تعالى أمرها بأن تنذر الله تعالى الصمت، فإذا كلمها أحد تومي بأنها نذرت صوما صمتا، لأنه لا يجوز ان يأمرها بان تخبر بأنها نذرت ولم تنذر، لان ذلك كذب. وقال انس بن مالك وابن عباس والضحاك: تريد بالصوم الصمت.
وقال قتادة: يعني صمتا عن الطعام والشراب والكلام أي إمساكا. وإنما أمرها بالصمت ليكفيها الكلام ولدها بما يبرئ ساحتها - في قول ابن مسعود وابن زيد ووهب ابن منية وقيل: من كان صام في ذلك الوقت لا يكلم الناس، فاذن لها في هذا المقدار من الكلام، في قول السدي.
فان قيل كيف تكون نذرت الصمت وألا تكلم أحدا مع قولها واخبارها عن نفسها بأنها نذرت وهل ذلك إلا تناقض؟
قيل من قال: انه أذن لها في هذا القدر فحسب، يقول: انها نذرت لا تلكم بما زاد عليه. ومن قال: انها نذرت نذرا عاما، قال: أومت بذلك ولم تتلفظ به. وقيل:
أمرها الله أن تشير إليهم بهذا المعنى، وانها ولدته بناحية بيت المقدس، وفى موضع يعرف ب‍ (بيت لحم).

(1) سورة 4 النساء آية 3.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست