التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١١٥
الله، ففي ذلك تخويف وترهيب، كما يقول القائل: إن كنت مؤمنا، فلا تظلمني، وتكون هي غير عالمة بأنه تقي أم لا، فلما سمع جبرائيل منها هذا القول، قال لها:
" إنما أنا رسول ربك " أرسلني الله لأبشرك بأنه يهب " لك غلاما " ذكرا " زكيا " طاهرا من الذنوب. وقيل: ناميا في أفعال الخير. فقالت مريم عند ذلك متعجبة من هذا القول: " أنى يكون لي غلام " أي كيف يكون ذلك " ولم يمسسني بشر " بالجماع على وجه الزوجية " ولم أك بغيا " أي لم أكن زانية - في قول السدى وغيره -.
و (البغي) التي تطلب الزنا، لان معنى تبغيه تطلبه، و " لم أك " أصلها لم أكن لأنه من (كان، يكون) وإنما حذفت النون، لاستخفافها على ألسنتهم، ولكثرة استعمالهم لها، كما حذفوا الألف في (لم أبل) واصله (لم أبالي) لأنه من المبالاة وكقولهم: (لا أدر) وقولهم: (أيش) واصله أي شئ، ومثله: لا أب لشانئك واصله لا أبا لشانئك، ومثله كثير.
قوله تعالى:
(قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا (20) فحملته فانتبذت به مكانا قصيا (21) فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا (22) فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا (33) وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا (24)) خمس آيات بلا خلاف.
قرأ حمزة وحفص عن عاصم " نسيا " بفتح النون. الباقون بكسرها، وهما
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست