الآية على أن البنت لا تحوز المال دون بني العم والعصبة، لان زكريا طلب وليا يمنع مواليه، ولم يطلب ولية. وهذا ليس بشئ، لان زكريا إنما طلب وليا، لان من طباع البشر الرغبة في الذكور دون الإناث من الأولاد، فلذلك طلب الذكر، على أنه قيل إن لفظ الولي يقع على الذكر والأنثى، فلا نسلم أنه طلب الذكر بل يقتضي الظاهر أنه طلب ولدا سواء كان ذكرا أو أنثى.
والوراء الخلف والوراء القدام ممدود وكذلك الوراء ولد الولد ممدود.
والورى مقصورا: داء في الجوف. والورى أيضا الخلق مقصور، وكلهم قرأ " ورائي " ممدودا ساكن الياء إلا ما رواه ابن مجاهد عن قنبل بفتح الياء مع المد، وروي عن شبل عن ابن كثير (ورأي) مقصورا مثل هداي بغير همز، وفتح الياء.
قال أبو علي لا أعلم أحدا من أهل اللغة حكى القصر في هذه اللفظة، ولعلها لغة جاءت، وقد جاء في الشعر قصر الممدود، وقياسه رد الشئ إلى أصله، واللام في هذه الكلمة همزة، وليس من باب الورى. وقال أبو عبيدة وغيره " من ورائي " يعني من قدامي، ومثله " وكان وراءهم ملك " (1) أي بين أيديهم. وحكي عن الثوري وراء الرجل خلفه وقدامه. وقوله " ومن ورائه عذاب " (2) أي قدامه.
وقوله " واني خفت الموالي " فان الخوف لا يكون من الأعيان وإنما يكون من معان فيها، فقولهم خفت الله أي خفت عقابه، وخفت الموالي خفت تضييعهم مالي وانفاقه في معصية الله.
قوله تعالى:
(يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من