التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٢١
اي لا ينفق هؤلاء المؤمنون في سبيل الله وجهاد أعدائه نفقة صغيرة ولا كبيرة يريدون بها اعزاز دين الله ونفع المسلمين والتقرب إلى الله بها، لا الانفاق متى كان للشهوة أو ليذكر بالجود كان ذلك مباحا. وإن كان للرياء والسمعة وللمعاونة على فساد كان معصية. والصغير ما نقص ثوابه ما هو أكبر منه، والكبير ما زاد ثوابه على ثواب ما هو دونه. وقوله " ولا يقطعون واديا " معناه ولا يتجاوزون وأدبا.
وقوله " إلا كتب لهم " ثواب ذلك لهم " ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون " معناه انه يكتب طاعاتهم ليجزيهم عليها أحسن مما فعلوه. وقال الرماني: ذلك يدل على أنه يكون حسن أحسن من حسن، قال: لان لفظة أفعل تقتضي التفاضل فيما شاركه في الحسن. وهذا ليس بشئ لان المعنى ان الله تعالى يجزيهم أحسن ما كانوا يعملون يعني ماله مدخل في استحقاق المدح والثواب من الواجبات والمندوبات دون المباحات التي لا مدخل لها في ذلك وان كانت حسنة.
قوله تعالى:
وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (123) آية.
قوله " فلولا نفر " معناه هلا نفر، وهي للتحضيض إذا دخلت على الفعل، فإذا دخلت على الاسم فهي بمعنى امتناع الشئ لأجل وجود غيره. وقيل في معناه ثلاثة أقوال: أحدها - قال الحسن: حث الله تعالى الطائفة النافرة على التفقه لترجع إلى المتخلفة فتحذرها. وقال قتادة: ان المعنى انه لم يكن لهم ان ينفروا بأجمعهم في السرايا ويتركوا النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة وحده، ولكن تبقى بقية لتتفقه البقية ثم تنذر
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»
الفهرست