لدل على نقصانه قبل تكميله. وقوله " أحسن " في موضع خفض عند الفراء، زعم أن العرب تقول مررت بالذي خير منك، وبالذي أخيك. ولا يقولون:
بالذي قائم، لأنه نكرة وأنشد عن الكسائي:
ان الزبيري الذي مثل الحكم * مشى بأسلابك في أهل العلم (2) قال الزجاج: أجمع البصريون على أنه لا يجوز ذلك، لان (الذي) يقتضي صلة، ولا يصح ان يوصف الا بعد تمام وصلته.
وقوله " وهدى ورحمة " صفتان للكتاب الذي أنزله على موسى، ومعناه حجة ورحمة " وتفصيلا لكل شئ " مثل ذلك. وقوله " لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون " معناه لكي يؤمنوا بجزاء ربهم، فسمى الجزاء لقاء الله تفخيما لشأنه وتعظيما له مع الاختصار والايجاز. و (تماما) و (تفصيلا) نصب على أنه مفعول له، وتقديره إنا فعلنا للتمام والتفصيل لكل ما شرعنا له. وروي في الشواذ (أحسن) رفعا وتقديره على الذي هو أحسن.
قوله تعالى:
وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون (155) آية بلا خلاف.
قوله " وهذا " إشارة إلى القرآن، وصفه بأنه كتاب أنزله الله وإنما وصفه بأنه كتاب وان لم يكن قرآنا من اجل انه يكتب، لأنه لما كان التقييد بالكتاب من أكثر ما يحتاج إليه في الدلائل والحكم، وصف بهذا الوصف.
لبيان انه مما ينبغي ان يكتب، لأنه اجل الحكم، وذكر في هذا الموضع بهذا الذكر ليقابل ما تقدم من ذكر كتاب موسى (ع).
وقوله " مبارك " فالبركة ثبوت الخير بزيادته ونموه، واصله الثبوت، ومنه (تبارك) أي تعالى بصفة اثبات لا أول له ولا آخر، وهذا تعظيم.