بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اختص سيدنا محمدا بالرسالة واجتباه، فتوسلنا واستغثنا به إلى من اختاره واصطفاه، وجعله أفضل الخلق بالكمال، بما جمله به من الجلال والجمال، واختاره وبعثه ليظهر كلمة الحق بعد أن مد الضلال رواقه، فلم يزل بإعزاز الشرع قائما، ولساعات زمانه في طلب رضا الله قاسما، لا ينحرف عن مقاصد الصواب ولا يميل، ولا يخلي مطايا جده في تقوية الدين مما تابع فيه الرسيم والذميل، إلى أن أزال عن القلوب صدأ الشكوك وجلا، وأجلى مسعاه عن كل ما أودع نفوس أحلاف الباطل والحاقدين وجلا، ومضى وقد أضاء للإيمان هلال أمن سراره، ورضي لإبادة الشرك حساما لا ينبو قط غراره، فصلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي عن صحابته المنتخبين، صلاة يتصل الأصيل فيها بالغدو، ونرى قيمتها في الأجر وافية العلو.
أما بعد:
فالتوسل والاستغاثة والتشفع بسيد الأنام، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مصباح الظلام، من الأمور المندوبات المؤكدات، وخصوصا عند المدلهمات، وعلى ذلك سار العلماء العاملون، والأولياء العابدون، والسادة المحدثون، والأئمة السالفون، كما قال السبكي فيما نقل عند صاحب فيض القدير (2 / 135):
ويحسن التوسل والاستعانة (1) والتشفع بالنبي إلى ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف... أه.
حتى نص السادة الحنابلة في مصنفاتهم الفقهية عل استحباب التوسل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقلوا ذلك عن الإمام أحمد أنه استحبه كما في كتاب الإنصاف فيما ترجح من الخلاف (2 / 456) وغيره ونقل ابن كثير في البداية (14 / 45) أن ابن تيمية أقر أخيرا في المجلس الذي عقده له العلماء العاملون الربانيون