فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٦٦٢
حتى أبعدكم (عن النار) نار جهنم (وأنتم تفلتون) بشد اللام أي تخلصون (من يدي) وتطلبون الوقوع في النار بترك ما أمرت وفعل ما نهيت شبه تساقط الجهلة والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع فيها مع منعه لهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وعدم درايته بحر الدنيا ولو علم لم يدخلها بل ظن أن ضوء النار يريحه من ظلام الليل فكذا العاصي يظن أن المعاصي تريحه فيتعجل لذة ساعة بذلة الأبد، وفيه فرط شفقته على أمته وحفظهم عن العذاب لأن الأمم في حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء في أكناف الآباء وقال الغزالي: التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار لكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش لأن باغترارها بظاهر الضوء أحرقت نفسها وفنيت حالا والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبدا. - (حم م عن جابر) بن عبد الله ورواه أيضا البخاري باختلاف يسير.
8169 - (مجالس الذكر تنزل عليهم السكينة وتحف بهم الملائكة) من جميع جهاتها (وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله على [ص 519] عرشه) قال حجة الإسلام: المراد بمجالس الذكر تدبر القرآن والتفقه في الدين وتعداد نعم الله علينا، فقد قال مالك: مجالس الذكر ليس مثل مجالسكم هذه يقص أحدكم وعظه على أصحابه ويسرد الحديث سردا إنما كنا نقعد فنذكر الإيمان والقرآن فائدة) في الفتوحات أن عمار بن الراهب رأى في نومه مسكينة الطفاوية بعد موتها فقال: مرحبا يا مسكينة قالت: هيهات يا عمار هيهات ذهبت المسكنة وجاء الغنى الأكبر هيه ما تسأل عمن أبيح له الجنة بحذافيرها يظل حيث يشاء؟ قال: بم ذاك؟ قالت: على مجالس الذكر والصبر على الحق. - (حل) وكذا الخطيب (عن أبي هريرة وأبي سعد) رمز المصنف لحسنه.
8170 - (مداراة) بغير همز وأصله الهمز (الناس صدقة) قال العامري: المداراة اللين والتعطف ومعناه أن من ابتلى بمخالطة الناس معاملة ومعاشرة فألان جانبه وتلطف ولم ينفرهم كتب له صدقة، قال ابن حبان: المداراة التي تكون صدقة للمداري تخلقه بأخلاقه المستحسنة مع نحو عشيرته ما لم يشنها بمعصية والمداراة محثوث عليها مأمور بها ومن ثم قيل اتسعت دار من يداري وضاقت أسباب من يماري، وفي شرح البخاري قالوا: المداراة الرفق بالجاهل في التعلم وبالفاسق بالنهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه، والمداهنة معاشرة الفاسق وإظهار الرضى بما هو فيه، والأولى مندوبة والثانية محرمة وقال حجة الإسلام: الناس ثلاثة أحدهم مثل الغذاء لا يستغنى عنه والآخر مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت والثالث مثل الداء لا يحتاج إليه لكن العبد قد يبتلي به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع فتجب مداراته إلى الخلاص منه. - (حب طب هب عن جابر) بن عبد الله هذا حديث له طرق عديدة وهذا الطريق كما قاله العلائي وغيره أعدلها فمن ثم عدل لها المصنف واقتصر عليه ومع ذلك فيه يوسف بن
(٦٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 657 658 659 660 661 662 663 664 665 666 667 ... » »»
الفهرست