فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٤١٧
عارض له من الهداية إلى التوبة كما يومئ إليه قوله (ويتوب الله على من تاب) أي يقبل التوبة من الحرص المذموم ومن غيره أو تاب بمعنى وفق يقال تاب الله عليه أي وفقه يعني جبل الآدمي على حب الحرص إلا من وفق الله وعصمه فوقع يتوب موقع إلا من عصمه إشعارا بأن هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب وأن إزالتها ممكنة بالتوفيق وفي ذكر ابن آدم دون الإنسان إيماء إلى أنه خلق من تراب طبعه القبض واليبس وإزالته ممكنة بأن يمطر الله عليه من غمام توفيقه.
تنبيه: ذهب بعض الصوفية إلى أن معنى الحديث لو كان لأبناء الدنيا ذلك لطلبوا الزيادة منه بخلاف أبناء الآخرة إذ الأدم ظاهر الجلد أي لو كان لبني آدم الذين نظروا إلى ظاهر الدنيا دون باطنها واديان من ذلك لابتغوا ثالثا وهكذا بخلاف أبناء الآخرة الذين خرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة وعرفوا ما يقربهم إلى حضرة الله وما يبعدهم عنها وأطال قال: ولا بد من استثناء الأنبياء والأولياء على كل حال لزهدهم في الدنيا. - (حم ق) في الرقاق (ت عن أنس) بن مالك (حم ق عن ابن عباس خ عن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام (ه عن أبي هريرة حم عن أبي واقد) بقاف ومهملة الليثي بمثلثة بعد التحتية الحارث بن مالك المدني (ت خ والبزار عن بريدة) وفي الباب غيره.
7477 - (لو كان لابن آدم واد من نخل لتمني مثله ثم تمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية) إشارة إلى أنه سبحانه إنما أنزل المال ليستعان به على إقامة حقوقه لا للتلذة والتمتع كما تأكل الأنعام فإذا خرج المال عن هذا المقصود فات الغرض والحكمة التي أنزل لأجلها وكان التراب أولى به فرجع هو والجوف الذي امتلأ بمحبته وجمعه إلى التراب الذي هو أصله فلم ينتفع به صاحبه ولا انتفع به الجوف الذي امتلأ به لما خلق له من الإيمان والعلم والحكمة فإنه خلق لأن يكون وعاء لمعرفة ربه والإيمان ومحبته وذكره وأنزل له من المال ما يعينه فعطل جوفه عما خلق له [ص 328] وملأه بحب المال وجمعه ومع ذلك فلم يمتلئ بل ازداد فقرا وحرصا إلى أن امتلأ بالتراب الذي خلق منه فرجع إلى مادته الترابية ولم يتكل بنيله ما خلق لأجله من العلم والإيمان وأصل ذلك طول الأمل وإذا رسخ الأمل في النفس قوي الحرص على بلوغ ذلك وطول الأمل غرور وخداع إذ لا ساعة من ساعات العمر إلا ويمكن فيها انقضاء الأجل فلا معنى لطول الأمل المورث قسوة القلب وتسليط الشيطان وربما جر إلى الطغيان * (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى) *. - (حم حب) وكذا أبو يعلى والبزار (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: رجال أبي يعلى والبزار رجال الصحيح.
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»
الفهرست