فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ١٦٦
أول دخوله بيته فإنه قلما كان يتنقل بالمسجد فيكون السواك للصلاة وقول عياض والقرطبي خص به دخول بيته لأنه مما لا يفعله ذو مروءة بحضرة الناس ولا ينبغي عمله بالمسجد ولا في المحافل ردوه وفيه ندب السواك عند دخول المسجد وبه صرح النووي وغيره وأنه مما يبدأ به من القربات عند دخوله وتكراره لذلك ومثابرته عليه وأنه كان لا يقتصر في ليله ونهاره على مرة لأن دخول البيت مما يتكرر والتكرر دليل العناية والتأكد وبيان فضيلة السواك في جميع الأوقات وشدة الاهتمام به وأنه لا يختص بوقت ولا حال معينة وأنه لا يكره للصائم في شئ من النهار لكن يستثنى ما بعد الزوال لحديث الخلوف وذكروا أن السواك يسن للنوم وعلته ما ذكر من الاجتماع بالأهل لأن مسهن وملاقاتهن على حال من التنظف أمر مطلوب مناسب دلت عليه الأخبار ولا مانع من كونه للمجموع وفيه مداومته على التعبد في الخلاء والملاء. - (م د ن ه) كلهم في الطهارة (عن عائشة) وحكى ابن منده الإجماع على صحته وتعقبه مغلطاي بأنه إن أراد إجماع العلماء قاطبة فمتعذر أو إجماع الأئمة المتعاصرين فغير صواب لأن البخاري لم يخرجه فأي إجماع مع مخالفته.
6675 - (كان إذا دخل) أي بيته (قال) لأهله وخدمه (هل عندكم طعام) أي أطعمه (فإذا قيل لا قال إني صائم) أي وإذا قيل نعم أمرهم بتقديمه إليه كما بينه في رواية أخرى وهذا محمول بقرينة أخبار أخر على صوم النفل لا الفرض وأنه قبل الزوال وأنه لم يكن تناول مفطرا. - (د عن عائشة) رمز لصحته.
6676 - (كان إذا دخل الجبانة) محل الدفن سمي به لأنه يفزع ويجبن عند رؤيته ويذكر الحلول فيه وقال ابن الأثير: الجبانة الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسمية للشئ باسم موضعه (يقول السلام عليكم) لم يقل عليكم السلام ابتداء بل كان يكره ذلك ولا يعارضه ما في خبر صحيح أنه قال لمن قال عليك السلام لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى فإن ذلك إخبار عن الواقع لا عن المشروع أي أن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذا اللفظ كقوله: [ص 131] عليك سلام الله قيس بن عاصم * ورحمة ربي الله ما شاء يرحم فكره المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يحيي بتحية الأموات ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم (أيتها الأرواح الفانية) أي الأرواح التي أجسادها فانية (والأبدان البالية) التي أبلتها الأرض (والعظام النخرة) أي المتفتتة تقول نخر العظم نخرا من باب تعب بلى وتفتت فهو نخر وناخر (الذي خرجت من الدنيا وهي بالله) أي لا بغيره كما يؤذن به تقديم الجار والمجرور على قوله (مؤمنة) أي مصدقة موقنة (اللهم أدخل عليهم روحا) بفتح الراء أي سعة واستراحة (منك وسلاما منا) أي دعاء مقبولا، وأخذ ابن تيمية من
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست