فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ١٣٠
الله فإذ فعل ذلك بجسده عند إيوائه إلى فراشه أو عند مرضه كان كمن اغتسل بأطهر ماء وأطيبه فما ظنك بمن يغتسل بأنوار كلمات الله تعالى. (فائدة) قال القاضي: شهدت المباحث الطبية على أن الريق له دخل في النضح وتبديل المزاج ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي ودفع نكاية المغيرات ولهذا ذكروا في تدبير المسافر أنه يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها حتى إذا ورد غير الماء الذي تعود شربه ووافق مزاجه جعل شيئا منه في سقايته ويشرب الماء من رأسه ليحفظ عن مضرة الماء الغريب ويأمن تغير مزاجه بسبب استنشاق الهواء المغاير للهواء المعتاد ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها. - (ق د ن عن عائشة) ورواه عنها النسائي أيضا.
6574 - (كان إذا اشتكى) أي مرض، والشكاية كما قال الزركشي المرض (ورقاه جبريل قال بسم الله يبريك) الاسم هنا يراد به المسمى فكأنه قال الله يبريك من قبيل * (سبح اسم ربك الأعلى) * [الاعلى: 1] ولفظ الاسم عبارة عن الكلمة الدالة على المسمى والمسمى هو مدلولها لكنه قال: يتوسع فيوضع الاسم موضع المسمى مسامحة ذكره القرطبي (من كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد) خصه بعد التعميم لخفاء شره (وشر كل ذي عين) من عطف الخاص على العام لأن كل عائن حاسد ولا عكس فلما كان الحاسد أعم كان تقديم الاستعاذة منه أهم وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعيون تصيبه تارة وتخطئه أخرى، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام خابت فهو بمنزلة الرمي الحسي لكن هذا من النفوس والأرواح وذلك من الأجسام والأشباح، ولهذا قال ابن القيم: استعاذ من الحاسد لأن روحه مؤذية للمحسود مؤثرة فيه أثرا بينا لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة تقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصة والتأثير كما يكون بالاتصال قد يكون بالمقابلة وبالرؤية وبتوجه الروح وبالأدعية والرقى والتعوذات وبالوهم والتخييل وغير ذلك، وفيه ندب الرقية بأسماء الله وبالعوذ الصحيحة من كل مرض وقع أو يتوقع وأنه لا ينافي التوكل ولا ينقصه، وإلا لكان المصطفى صلى الله عليه وسلم أحق الناس بتحاشيه فإن الله لم يزل يرقى نبيه في المقامات الشريفة والدرجات الرفيعة إلى أن قبضه وقد رقى في أمراضه حتى مرض موته فقد رقته عائشة في مرض موته ومسحته بيدها ويده وأقر ذلك. - (م) في الطب (عن عائشة) ورواه أيضا ابن ماجة في الطب والترمذي في الجنائز والنسائي في البعوث أربعتهم عن أبي سعيد مع خلف يسير والمعنى متقارب جدا.
6575 - (كان إذا اشتكى اقتحم) أي استف وفي رواية تقحم (كفا) أي ملأ كفا (من شونيز) بضم الشين المعجمة وهو الحبة السوداء (وشرب عليه) أي على أثر استفافه (ماءا وعسلا) أي ممزوجا بعسل لأن لذلك سرا بديعا في حفظ الصحة لا يهتدي إليه إلا خاصة الأطباء، ومنافع العسل لا
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست