فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ١٢٣
من الغروب ليلة الحادي والعشرين وإلا لما كان معتكفا للعشر بتمامه الذي ورد في عدة أخبار أنه كان يعتكف العشر بتمامه وهذا هو المعتبر عند الجمهور لمن يريد اعتكاف عشر أو شهر وبه قال الأئمة الأربعة ذكره الحافظ العراقي وغيره.
- (د ت) في الاعتكاف (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه فظاهر صنيعه أنه لم يروه أحد من الستة غير هذين والأمر بخلافه بل رواه الجماعة جميعا لكن عذره أن الشيخين إنما روياه مطولا في ضمن حديث فلم يتنبه له لوقوعه ضمنا.
6556 - (كان إذا أراد أن يودع الجيش) الذي يجهزه للغزو (قال أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم) قال الطيبي: قوله أستودع الله هو طلب حفظ الوديعة وفيه نوع مشاكلة للتوديع جعل دينهم وأمانتهم من الودائع لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سببا لإهمال بعض أمور الدين فدعا المصطفى صلى الله عليه وسلم لهم بالمعونة في الدين والتوفيق فيه ولا يخلو المسافر من الاشتغال بما يحتاج فيه إلى نحو أخذ وإعطاء وعشرة فدعا للناس المصطفى صلى الله عليه وسلم بحفظ الأمانة وتجنب الخيانة ثم بحسن الاختتام ليكون مأمون العاقبة عما سواه في الدنيا والدين.
- (د ك) في الجهاد، وكذا النسائي في اليوم والليلة (عن عبد الله بن يزيد الخطمي) بفتح المعجمة وسكون المهملة صحابي صغير شهد الحديبية وولى الكوفة. قال في الأذكار: حديث صحيح، وقال في الرياض: رواه أبو داود بإسناد صحيح.
6557 - (كان إذا أراد غزوة ورى) بتشديد الراء أي سترها وكنى عنها (بغيرها) أي بغير تلك الغزوة التي أرادها [ص 97] فيوهم أنه يريد غزو جهة أخرى كان يقول إذا أراد غزو خيبر كيف تجدوا مياهها موهما أنه يريد غزو مكة لا أنه يقول أريد غزو خيبر وهو يريد مكة فإنه كذب وهو محال عليه والتورية أن يذكر لفظا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيسأل عنه وعن طريقه فيفهم السامع بسبب ذلك أنه يقصد المحل القريب والمتكلم صادق لكن لخلل وقع من فهم السامع خاصة، وأصله من وريت الخبر تورية سترته وأظهرت غيره وأصله ورا الإنسان لأنه من ورى بشئ كأنه جعله وراءه وضبطه السيرافي في شرح سيبويه بالهمزة وأصحاب الحديث لم يضبطوا فيه الهمزة فكأنهم سهلوها وذلك لئلا يتفطن العدو فيستعد للدفع والحرب كما قال الحرب خدعة، وفي البخاري أيضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز واستقبل غزو عدو كثير فجلى المسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد، وعن كعب بن مالك ظاهر صنيعه أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو وهم بل هو فيهما فقد قال الحافظ العراقي: هو متفق عليه اه‍. وهو في البخاري في غزوة تبوك وفي موضع آخر وفي مسلم في التوبة كلاهما عن كعب المزبور مطولا ولفظهما: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة يعني تبوك غزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا وغزوا كثيرا
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست