فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ١١
6265 - (كف عنا جشاءك) هو الريح الذي يخرج من المعدة عند الشبع (فإن أكثرهم) يعني الناس (شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) والنهي عن الجشاء نهي عن سببه وهو الشبع وهو مذموم طبا وشرعا كيف وهو يقرب الشيطان ويهيج النفس إلى الطغيان والجوع يضيق مجاري الشيطان ويكسر سطوة النفس فيندفع شرهما ومن الشبع تنشأ شدة الشبق إلى المنكوحات ثم يتبعها شدة الرغبة إلى الجاه والمال اللذان هما الوسيلة إلى التوسع في المطعومات والمنكوحات ثم يتبع ذلك استكثار المال والجاه وأنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ثم يتولد من ذلك آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ثم يتداعى ذلك إلى الحسد والحقد والعداوة والبغضاء ثم يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء والبطر والأشر وذلك مفض إلى الجوع في القيامة وعدم السلامة إلا من رحم ربك. (ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال: تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكره قال الترمذي: حسن غريب وذلك الرجل هو أبو جحيفة كما صرح به في عدة روايات وكان لم يبلغ الحلم قال في المعارف: ولم يأكل بعد ذلك ملء بطنه حتى فارق الدنيا رمز المصنف لحسنه.
6266 - (كف عنه أذاك واصبر لأذاه فكفى بالموت مفرقا) قاله لمن شكى إليه أذى جاره له ثم عاد عن قرب وذكر أنه مات قال الغزالي: فيه الأمر بالصبر لمن أوذي بفعل أو قول أو جنى عليه في نفسه أو ماله والصبر على ذلك بترك المكافأة قال بعض الصحابة: ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى وقال تعالى * (ولنصبرن على ما آذيتمونا) * وقال لرسوله * (ودع أذاهم وتوكل على الله) * وقال * (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا) * إلى غير ذلك من الآيات ولذلك مدح تعالى العافين عن حقوقهم في القصاص فقال * (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) *. (ابن النجار) في التاريخ (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن يزيد (الحبلي) بضم المهملة والموحدة وهو المغافري من ثقات الطبقة الثالثة (مرسلا) قال: شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاره فذكره.
6267 - (كفوا صبيانكم) عن الانتشار (عند العشاء فإن للجن) حينئذ (انتشارا) أي تفرقا (وخطفة) أي استيلاء بسرعة. (د عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته ورواه العسكري أيضا عن جابر بلفظ كفوا فراشيكم حتى تذهب فحمة عتمة العشاء وقال جمع: فاشية وهي ما ينشر ويفشو من نحو إبل وغنم قال: ومن لا يضبط من أصحاب الحديث يقول مواشيكم وهو تصحيف.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست