فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٧١٢
2557 - (إنما الماء من الماء) أي يجب الغسل بالماء من خروج الماء الدافق وهو المني سواء خرج بشهوة أم دونها من ذكر أو أنثى عاقل أو مجنون بجماع أو دونه وما دل عليه الحصر من عدم وجوبه بجماع لا إنزال فيه الذي أخذ به جمع من الصحابة منهم سعد بن أبي وقاص وغيرهم كالأعمش وداود الظاهري، أجيب بأنه منسوخ بخبر الصحيحين إذا جلس بين شعبها الأربع ثم أجهدها فقد وجب الغسل زاد مسلم وإن لم ينزل لتأخر هذا عن الأول لما رواه أبو داود وغيره عن أبي بن كعب أنهم كانوا يقولون الماء من الماء رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام ثم أمر بالغسل بعدها هكذا قرره صحبنا في الأصول ممثلين به نسخ السنة بالسنة وأما قول البعض نقلا عن ابن عباس أنه أراد بالحديث نفي وجوب الغسل بالرؤية في النوم إن لم ينزل فيأباه ما ذكر في سبب الحديث الثابت في مسلم إنه قيل له الرجل يقوم عن امرأته ولم يمن ماذا يجب عليه فقال إنما إلخ نعم ذهب البعض إلى أنه لا حاجة لدعوى نسخه لأن خبر إذا التقى الختانان مقدم عليه لأن دلالته على وجوب الغسل بالمنطوق ودلالة الحصر عليه بالمفهوم والمنطوق مقدم على المفهوم بل في حجة المفهوم خلاف (م د عن أبي سعيد) الخدري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قباء حتى إذا كنا في بني سالم وقف على باب عتبان فصرخ به فخرج يجر إزاره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجلنا الرجل فقال عتبان يا رسول الله أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه فذكره (حم عن أبي أيوب) الأنصاري.
2558 - (إنما المدينة) النبوية (كالكير) زق الحداد ينفخ فيه (تنفي) بفاء مخففة وروي بقاف مشددة من التنقية (خبثها) بفتحات وروي بخاء مضمومة ساكنة الباء خلاف الطيب والمراد هنا ما لا يليق بالمدينة (وتنصع) بنون وصاد مهملة من باب التفعيل أو الإفعال تخلص وتميز (طيبها) بفتح الطاء وتشديد الباء وفتح الموحدة وبكسر الطاء وسكون الياء وقال الزمخشري تبضع من الإبضاع بباء موحدة وضاد معجمة من أبضعه إذا دفعه إليه بضاعة أي تعطي طيبها ساكنيها وقال ابن حجر في تخريج المختصر تنصع بنون وصاد وعين مهملتين ضبط في أكثر الروايات بفتح أوله من الثلاثي وطيبها مرفوع فاعل وفي بعضها بضم أوله من الرباعي وطيبها بالنصب ونصع معناه خلص وأنصع معناه أظهر ما عنده وكلا المعنيين ظاهر في هذا السياق اه‍ وهذا مختص بزمن المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها إلا من ثبت إيمانه ثم يكون في آخر الزمان عند خروج الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه بدليل خبر مسلم لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها الحديث. قيل لما خرج ابن عبد العزيز من المدينة بكى: وقال نخشى أن نكون ممن نفته المدينة وهذا قاله لأعرابي بايعه فوعك بالمدينة وقال يا محمد أقلني بيعتي فأبى فخرج فذكره والمراد الإقالة من الإسلام أو
(٧١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 707 708 709 710 711 712 713 714 715 716 717 ... » »»