هيأها (لمن أطعم الطعام) في الدنيا للعيال والفقراء والأضياف والإخوان ونحوهم (وألان الكلام) أي تملق للناس واستعطفهم قال في الصحاح اللين ضد الخشونة وقد لان الشئ لينا وألينه صيره لينا وقد ألانه أيضا على النقصان والتمام وتلين تملق انتهى وحقيقة اللين كما قاله ابن سيناء كيفية تقتضي قبول الغمز إلى الباطن ويكون للشئ بها قوام غير سيال فينتقل عن وضعه ولا يمتد كثيرا ولا يتفرق بسهولة وضده الصلابة قال الطيبي جعل جزاء من تلطف في الكلام الغرفة كما في قوله تعالى * (أولئك يجزون الغرفة) * [الفرقان: 75] * (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) * [الفرقان: 63] الآية وفيه إيذان بأن لين الكلام من صفات الصالحين الذين خضعوا لبارئهم وعاملوا الخلق بالرفق في الفعل والقول ولذا جعلت جزاء من أطعم الطعام كما في قوله تعالى * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) * [الفرقان: 67] فدل على أن الجواد شأنه توخي القصد في الإطعام والبذل ليكون من عباد الرحمن وإلا كان من إخوان الشيطان (وتابع الصيام) قال ابن العربي عنى به الصيام المعروف كرمضان والأيام المشهود لها بالفضل على الوجه المشروع مع بقاء القوة دون استيفاء الزمان كله والاستيفاء القوة بأسرها وإنما يكسر الشهوة مع بقاء القوة وقال الصوفية الصيام هنا الإمساك عن كل مكروه فيمسك قلبه عن اعتقاد الباطل ولسانه عن القول الفاسد ويده عن الفعل المذموم وفي رواية وواصل الصيام (1) وفي أخرى وأفشى السلام (وصلى بالليل) أي تهجد فيه (والناس نيام) وهذا ثناء على صلاة الليل وعظم فضلها عند الله تعالى وجعل الغرفة جزاء من صلى بالليل كما في قوله تعالى * (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) * [الفرقان: 64] فأومأ به إلى أن المتهجد ينبغي أن يتحرى في قيامه الإخلاص ويجتنب الرياء لأن البيتوتة للرب لم تشرع إلا لإخلاص العمل لله ولم يذكر الصيام في التنزيل استغناء بقوله * (بما صبروا) * [الفرقان: 75] لأن الصيام صبر كله هذا ما قرره شارحون لكن في رواية البيهقي قيل يا رسول الله وما إطعام الطعام قال من قات عياله قيل وما وصال الصيام قال من صام رمضان ثم أدرك رمضان فصامه قيل وما إفشاء السلام قال مصافحة أخيك قيل وما الصلاة والناس نيام قال صلاة العشاء الآخرة اه. وهو وإن ضعفه ابن عدي لكن أقام له شواهد يعتضد بها ومع ملاحظته لا يمكن التفسير بغيره (حم حب هب عن أبي مالك الأشعري) قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن معانق وثقه ابن حبان (ت عن علي) أمير المؤمنين رضي الله عنه قال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وقد تكلم فيه من قبل حفظه اه. ولهذا جزم الحافظ العراقي بضعف سنده وكثيرا ما يقع للمصنف عزو الحديث لمخرجه ويكون مخرجه قد عقبه بما يقدح في سنده فيحذف المصنف ذلك ويقتصر على عزوه له وذلك من سوء التصرف.
(٥٩٠)