فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٥٠١
2128 - (إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر) الإنسان (بخير) (1) فعل معه فجحده (ولا المتمضخ) أي الإنسان المتلطخ (بالزعفران) لحرمة ذلك على الرجل لما فيه من الرعونة والتشبه بالنساء وقرن بالكافر لاتباعه هواه ومخالفته (ولا الجنب) الذي اعتاد ترك الغسل تهاونا به حتى يمر عليه وقت صلاة ولم يغتسل لاستخفافه بالشرع ومن امتنع عن عبادة ربه وتقاعد عنها فهو ملحق بمن عبد غير الله تغليظ لأن الخلق إنما خلقوا لعبادته فليس المراد أي جنب كان لما ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان ينام جنبا ويطوف على نسائه بغسل واحد وزعم أن المراد بالجنب من زنا: بعيد من السياق وتقييد للإطلاق بلا دليل قال القاضي والجنب الذي أصابته الجنابة يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لجريانه مجرى المصدر (حم د عن عمار بن ياسر) بمثناة تحتية ومهملة مكسورة (2).
2129 - (إن الملائكة لا تزال تصلي على أحدكم) أي تستغفر له (ما دامت مائدته موضوعة) أي مدة دوام وضعها للأضياف ونحوهم والمائدة ما يمد ويبسط عليه الطعام كمنديل وثوب وسفرة، قال يقدم عليه ونظيره شجرة مطعمة انتهى. وظاهر الخبر أن الاكل على المائدة محبوب لا مرهوب، وكأني بك تقول يشكل بقولهم لم يأكل المصطفى صلى الله عليه وسلم على خوان فنقول كلا لا إشكال إذ المائدة ما يمد للاكل عليه كما تقرر وأما الخوان فهو المرتفع من الأرض بقوائمه والسفرة ما أسفر عما في جوفه لأنها

(1) قوله بخير أي ببشر بل يوعدونه بالعذاب الشديد والهوان الوبيل ويحتمل أن الباء في قوله بخير ظرفية بمعنى في كقوله تعالى: * (نجيناهم بسحر) * [القمر: 34] أي في سحر أي لا تحضر الملائكة جنازة الكافر إلا في حضور شر ونزول بؤس به وقال المناوي لا تحضر جنازة الكافر بخير فعل معه فستره وأنكره، وقيل الذي لا تحضره الملائكة هو الذي لا يتوضأ بعد الجنابة وضوءا كاملا وقيل هو الذي يتهاون في غسل الجنابة فيمكث من الجمعة إلى الجمعة لا يغتسل إلا للجمعة ويحتمل أن يراد الجنب الذي لم يستعذ بالله من الشيطان عند الجماع ولم يقل ما وردت به السنة للهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن لم يقله يحضره الشيطان ومن حضرته الشيطان تباعدت عنه الملائكة.
(2) قال قدمت على أهلي ليلا وقد تشققت يداي أي من كثرة العمل فخلقوني بزعفران فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت فلم يرد علي ولم يرحب بي وقال اذهب فاغسل هذا عنك فذهبت فغسلته ثم جئت وقد بقي علي منه درع - بالدال والعين المهملتين - أي لطخ من بقية لون الزعفران لم يعمه كل الغسل فسلمت عليه فرد علي ولم يرحب بي وقال اذهب فاغسل هذا عنك فذهبت فغسلته ثم جئت فسلمت عليه فرد علي ورحب بي وقال إن الملائكة فذكره.
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»