فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٥
ملك الملوك لا يسمى صالحا ومن البين أنه في حيز السقوط (يشدد عليهم) بالبناء للمفعول أي يشدد الله عليهم ويبتليهم ليرفع درجتهم لما مر غير مرة أن أشد الناس بلاء الأمثل فالأمثل (وإنه) أي الشأن (لا يصيب مؤمنا نكبة) أي مصيبة كما في المصباح (من شوكة فما فوقها إلا حطت عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة) أي منزلة عالية في الجنة وقد تقدم أنه لا بدع في كون الشئ الواحد حاطا ورافعا قال الطيبي والصلاح استقامة الشئ على حالة كماله كما أن الفساد ضده ولا يحصل الصلاح الحقيقي إلا في الآخرة لأن الأحوال العاجلة وإن وصفت بالصلاح لا تخلو من شوب فساد وخلل والاستقامة التامة لا تكون إلا لمن فاز بالقدح المعلى (حم حب ك) في الرقاق (هب) كلهم (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي قال الهيثمي رجال أحمد ثقات.
2040 - (إن الصبحة) بالضم أي تناول ما لا ينبغي وقت الصباح أو النوم وقته ولو بعد الصلاة (تمنع بعض الرزق) أي حصوله حقيقة أو بمعنى عدم البركة فيه على ما مر وفي رواية بإسقاط بعض ما على الأول فإن من افتتح النهار بخير كان في بقيته ميمونا مباركا له من الله عون على رزقه وأما على الثاني فلأنه قد ورد أن ما بين الفجر وطلوع الشمس ساعة تقسم فيها الأرزاق وليس من حضر القسمة كمن غاب عنها ولأن من نام حتى أصبح أصبح وهو خبيث النفس كسلان ليس له نهضة في تعاطي معاشه فينقص بذلك محصوله وهكذا يكاد أن يكون محسوسا (حل) من حديث الحسن بن علي الطوسي عن محمد بن أسلم عن حسين بن الوليد عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن ابن المسيب (عن عثمان بن عفان) وهكذا رواه عن العطريف.
2041 - (إن الصبر) أي المحمود صاحبه أو الكامل ما كان (عند الصدمة الأولى) أي الوارد على القلب غب المصيبة إذ لفجأتها روعة تزعج القلب بصدمتها فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها وضعفت قوتها فهان عليه استدامة الصبر وأما إذا أوردت بعد طول الأمل فقد توطن عليها ويطبعها ويصير صبره كالاضطراري فمعنى الخبر كما قال أبو عبيد إن كل ذي رزية قصاراه الصبر لكن إنما يحمد على صبره عند حدة المصيبة وحرارتها والصبر حبس النفس على مقتضى الشرع وهو لفظ عام ربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فحبس النفس لمصيبته يسمى صبرا لا غير ويقابله الجزع وحبسها في محاربة تسمى شجاعة ويقابله الجبن في إمساك عن كلام يسمى صمتا وكتمانا ويقابله القلق وهكذا (حم ق 4 عن أنس) قال مر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بامرأة تبكي عند قبر فذكره وكلام المصنف صريح في أن الجماعة كلهم رووه ورأيت الصدر المناوي استثنى منهم ابن ماجة.
(٤٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 ... » »»