فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٤٢٥
تشفعوا فتؤجروا) الظاهر أنه أراد بالمنع السكوت انتظارا للشفاعة لا المنع باللفظ كما سيجئ في عدة أخبار أنه ما سئل في شئ فقال لا قط، والمنع ضد الإعطاء والشفاعة المطالبة بوسيلة أو زمام والأجر الإثابة والمثيب هو الله تعالى (طب عن معاوية) بن أبي سفيان.
1982 - (إن الرجل ليعمل أو المرأة) لتعمل (بطاعة الله ستين سنة) مثلا (ثم يحضرهما الموت فيضاران) بالتشديد أي يوصلان الضرر إلى وارثيهما (في الوصية) بأن يزيدا على الثلث أو يقصدا حرمان الأقارب أو يقرا بدين لا أصل له (فتجب لهما النار) أيستحقان دخول نار جهنم إن لم يدركهما الله بعفوه ثم قرأ أبو هريرة * (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار) * [النساء: 12] وأخذ بظاهره مالك فأبطل المضارة فيها وإن لم يقصدها قال البعض والمضارة في الوصية من الكبائر (د ت) في الوصية حديث شهر بن حوشب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال الترمذي حسن غريب انتهى وشهر أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عدي لا يحتج به ووثقه ابن معين.
1983 - (إن الرجل ليتكلم الكلمة) الواحدة (لا يرى بها بأسا) أي سوءا يعني لا يظن أنها تعد عليه ذنبا ولا أنه يؤاخذ بها * (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) * [النور: 15] (يهوي بها) أي يسقط بسببها (سبعين خريفا في النار) لما فيها من الأوزار التي ليس عند الغافل المسكين منها إشعار، والمراد أنه يكون دائما في الصعود والهوى ذكره القاضي والهروي فعلى العاقل أن يميز بين أشكال الكلام قبل نطقه فما كان من حظوظ النفس وإظهار صفات المدح ونحو ذلك تجنبه ومن آمن بهذا الخبر حق إيمانه اتقى الله في لسانه وقلل كلامه حسب إمكانه سيما فيما ينهى عن الكلام فيه كبعد العشاء إلا في خير قال الغزالي اللسان إنما خلق لك لتكثر به ذكر الله وتلاوة كتابه وترشد به الخلق إلى طريقه أو تظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك فإذا استعملته لغير ما خلق له فقد كفرت نعمة الله فيه وهو أغلب أعضائك عليك ولا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم فاستظهر الغاية تؤتك حتى لا يكبك في قعر جهنم انتهى والهوي بضم الهاء وفتحها السقوط من أعلى إلى أسفل ذكره أبو زيد وغيره والخريف هنا عبارة عن السنة والمراد بالسبعين التكثير لا التحديد (ت ه ك عن أبي هريرة).
1984 - (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا ليضحك بها القوم) أي يريد أن يضحكهم (وإنه ليقع بها أبعد من السماء) أي يقع بها في النار أبعد من وقوعه من السماء إلى الأرض قال الغزالي المراد به ما فيه غيبة مسلم أو إيذاؤه دون محض المزاح انتهى فعلى العاقل ضبط جوارحه فإنها رعاياه
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»