فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٢٩٠
تعليمهم لا لإخراج غيرهم (فإنهما صلاة) أي رحمة لما فيهما من رفع الخطأ والنسيان ورفع الإصر وتحميل ما لا يطاق وغير ذلك (وقرآن ودعاء) أي هما يشتملان على ذلك وقوله فتعلموهن بعد قوله آيتان من قوله تعالى * (هذان خصمان اختصموا) * [الحج: 19]، * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) * [الحجرات: 9] (ك) في فضائل القرآن عن عبد الله بن صالح عن معاوية عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير (عن أبي ذر) ثم قال على شرط البخاري فرده الذهبي بأن معاوية لم يحتج به البخاري قال ورواه ابن وهب عن معاوية مرسلا.
1732 - (إن الله خلق الجنة) التي هي دار الثواب (بيضاء) أي نيرة مضيئة فترابها وإن كان من زعفران لكن ذلك الزعفران له لمعان وبريق يعلوه نور وإشراق وبياض وشجرها وإن كان أخضر لكنه يتلألأ نورا وإشراقا (وأحب شئ إلى الله) في رواية وأحب الزي إلى الله (البياض) فليلبسه أحياؤكم وكفنوا به موتاكم وفي رواية خلق الله الجنة بيضاء وإن أحب اللون إلى الله البياض وسئل الحبر عن أرض الجنة فقال مرمرة بيضاء من فضة كأنها مرآة قيل ما نورها قال أما رأيت الساعة التي تكون فيها قبل طلوع الشمس؟ فذلك نورها إلا أنها ليس فيها شمس ولا زمهرير رواه ابن أبي الدنيا بإسناد قال السمهودي حسن ولا ينافيه خبر إن ترابها الزعفران لأن الأرض نفسها بيضاء والتراب الذي هو فوق الأرض أصفر وفي خبر ابن ماجة ألا هل من مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ. واعلم أن الأشياء كلها من آثار الفضل والعدل والفضل من الجمال والعدل من الملك والقدرة فمن الجمال نشأت الرحمة وظهر العطف والفضل حتى اهتزت الجنة وربت وأشرقت بنور ربها وازينت فمن ثم كانت بيضاء نورانية مشحونة بالروح والريحان ومن الملك بدأ الغضب فأسعرت النار واسودت فهي سوداء مظلمة من غضبه وما هي إلا نظرة وجفوة فأهل الثواب سعدوا منه بنظرة واحدة وأهل العقاب شقوا بجفوة واحدة والخلق إيجاد الشئ على تقدير واستواء (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي عقب عزوه للبزار فيه هشام بن زياد وهو متروك وظاهر حال المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وإلا لما عدل عنه وإنه لشئ عجاب فقد خرجه ابن ماجة عن ابن عباس المذكور بلفظ إن الله خلق الجنة بيضاء وأحب الزي إليه البياض فليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم انتهى بلفظه.
1733 - (إن الله خلق خلقه) أي الثقلين فإن الملائكة ما خلقوا إلا من نور ولم يخلقوا من ظلمة الطبيعة والميل إلى الشهوة والغفلة عن معالم الغيب (في ظلمة) أي كائنين في ظلمة الطبيعة فالنفس الأمارة بالسوء المجبولة بالشهوات المردية والأهواء المضلة والركون إلى المحسوسات والغفلة عن معالم الغيب وأسرار عالم القدس (فألقى) وفي رواية للحكيم بدله رش والإلقاء في الأصل طرح الشئ حيث يلقاه ثم صار في التعارف اسما لكل طرح (عليهم من نوره) أي شيئا من نوره ومن إما للتبيين أو
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»