المواقف - الإيجي - ج ٢ - الصفحة ٦٦٤
لأن حركات الأفلاك إرادية فلها نفوس مجردة أما الأول وهو كون حركاتها إرادية فلأنها إما طبيعية أو قسرية أو إرادية لما مر من أن أقسام الحركة الذاتية منحصرة فيها والأولان باطلان فتعين الثالث أما كونها طبيعية فلأن الحركة الدورية كل ما وضع فيها فهو مطلوب ومتروك فلو كان ذلك التحرك الدوري مقتضى الطبيعة ومستندا إليها لكان الشيء الواحد وهو الوضع المخصوص مطلوبا بالطبع ومتروكا بالطبع وأنه محال وقد وجه هذا الدليل بأن كل وضع يتوجه إليه المتحرك بالاستدارة يكون ترك ذلك الوضع هو عين التوجه إليه فيكون المهروب عنه بالطبع بعينه مطلوبا بالطبع في حالة واحدة بل يكون الهرب عن الشيء عين طلبه وأنه محال بديهة ورد عليه بأنه ترك وضع ليس توجها إليه بعينه لانعدامه بتركه بل غايته أنه توجه إلى مثله فلا يكون المتروك نفس المطلوب فالأولى أن يوجه بأن المتحرك بحركته المستديرة يطلب وضعا ثم يتركه ومثله لا يتصور من فاقد الإرادة لأن طلب الشيء المعين وتركه لا يكون إلا باختلاف الأغراض الموقوفة على الشعور والإرادة وأما كونها قسرية فلما تقدم أن القسر إنما يكون على خلاف الطبع وذلك لأنه تقدم في مباحث الاعتمادات ما هو بمعناه أعني أن عديم الميل الطبيعي لا يتحرك قسرا وههنا لا طبع فلا قسر وأيضا فلو كان تحرك الأفلاك على الاستدارة بالقسر لكان على موافقة القاسر فوجب تشابه حركاتها في الجهة والسرعة والبطء وتوافقها في المناطق والأقطاب إذ لا يتصور هناك قسر إلا من بعضها لبعض لكن حركاتها كما شهدت به الأرصاد ليست متشابهة ولا متوافقة وأما الثاني وهو أنه إذا كانت حركاتها إرادية كانت لها نفوس مجردة فلأن إرادتها المتعلقة بحركاتها ليست ناشئة عن تخيل محض من قوة جسمانية تدرك أمورا جزئية وإلا امتنع دوامها أي دوام الحركات
(٦٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 659 660 661 662 663 664 665 666 667 668 669 ... » »»