على هذا التقدير وإنما تتخيل بسبب حركة الأرض إذ يتبدل الوضع من الفلك بالقياس إلينا دون أجزاء الأرض إذ لا يتغير الوضع بيننا وبينها فإنا على جزء معين منها فإذا تحركت من المغرب إلى المشرق ظهر علينا من جانب المشرق كواكب كانت مختفية عنا بحدبة الأرض وخفي عنا بحدبتها من جانب المغرب كواكب كانت ظاهرة علينا فيظن لذلك أن الأرض ساكنة في مكانها والمتحرك هو الفلك فيكون حينئذ متحركا من المشرق إلى المغرب بل ليس ثمة فلك أطلس حتى يتحرك بالحركة اليومية على خلاف التوالي وذلك كراكب السفينة فإنه يرى السفينة ساكنه مع حركتها حيث لا يتبدل وضع أجزائها منه ويرى الشط متحركا مع سكونه حيث يتبدل وضعه منه مع ظن أنه ساكن في مكانه أي ليس متحركا أصلا لا بالذات ولا بالعرض وكذلك يرى القمر سائرا إلى الغيم حين يسير الغيم إليه وكذا يرى غيره متحركا مع سكونه أو ساكنا مع حركته من أمور قدمناها في غلط الحس وأبطلوا ذلك أي تحركها على الاستدارة كما زعمه هذا القائل بوجوه ثلاثة الأول أن الأرض لو كانت متحركة في اليوم بليلته دورة واحدة لكان ينبغي أن السهم إذا رمي إلى جهة حركة الأرض وهي الشرق أن لا يسبق موضعه الذي رمي منه بل تسبقه الأرض وذلك لأن الأرض على ذلك التقدير تقطع في ساعة واحدة ألف ميل وفي عشر ساعة مائة ميل ولا يتصور في السهم وغيره من المتحركات السفلية حركة بهذه السرعة فيجب تخلفها عن الأرض وينبغي للسهم إذا رمي إلى خلاف جهة حركتها أن يمر عن الموضع الذي رمي منه ويتجاوزه بقدر حركته وحركة الأرض جميعا واللازم باطل لاستواء المسافة التي يقطعها السهم من الجانبين بالتجربة الوجه الثاني الحجر يرمى إلى فوق فيعود إلى موضعه الذي رمي منه راجعا بخط مستقيم ولو كانت الأرض متحركة إلى المشرق لكان الحجر ينزل من مكانه إلى جانب المغرب بقدر حركة الأرض في ذلك الزمان الذي وقع فيه حركة الحجر صاعدا وهابطا والوجهان ضعيفان لجواز
(٤٨٦)