المحل والزمان والجهة وتعلم أنه إذا روعي شروط التقابل بين الصحة والمرض فلا واسطة بينهما أصلا لأن العضو الواحد في زمان واحد من جهة واحدة لا يخلو من أن يكون فعله سليما أو غير سليم فلا يتصور واسطة بين الصحة والمرض المعرفين بما مر إذا روعي الشرائط المعتبرة في التقابل وكذا كل متقابلين يمتنع بينهما الواسطة فإنما هو أي امتناع الواسطة بينهما باعتبار شرائط التقابل فإنه إذا أهمل شيء من شرائطه جاز ارتفاعهما معا وحينئذ تثبت الواسطة بينهما قال ابن سينا من ظن أن بين الصحة والمرض وسطا هو لا صحة ولا مرض فقد نسي الشرائط التي يجب أن تراعى فيما له وسط وما ليس له وسط وتلك الشرائط أن يفرض الموضوع واحدا بعينه في زمان واحد وتكون الجهة والاعتبار واحدا وحينئذ إن جاز أن يخلو الموضوع عنهما كان هناك واسطة وإلا فلا وإذا فرض إنسان واحد واعتبر منه عضو واحد في زمان واحد فلا بد أن يكون إما معتدل المزاج سوي التركيب بحيث يكون فعله سليما وإما أن لا يكون كذلك فلا واسطة إلا أن يحد الصحة والمرض بحد آخر ويشترط فيه شروط لا حاجة إليها يعني أن يشترط في حد الصحة سلامة جميع الأفعال فيخرج سالم البعض ومن كل عضو فيخرج من كان بعض أعضائه مأوفا وفي كل وقت فيخرج من يصح مدة ويمرض مدة وأن لا يكون هناك استعداد يقتضي سهولة الزوال فيخرج الناقة والشيح والطفل ويشترط في حد المرض آفة جميع الأفعال من جميع الأعضاء في جميع الأوقات فتخرج الأمور المذكورة من حده أيضا وتثبت الواسطة قطعا إلا أن النزاع حينئذ يكون لفظيا
(١٧٨)