أراد شيئا وأراد العبد ضده إلى آخره وأنه أي ما ذهب إليه جهم بن صفوان الترمذي من نفي قدرة العبد بالكلية غلو وتجاوز عن الحد في الجبر لا توسط بين الجبر والتفويض كما هو الحق وأنه أي ما ذهب إليه مكابرة أيضا ودفع لما هو معلوم بالبديهة أن الفرق بين الصاعد إلى موضع عال بالاختيار و بين الساقط عن علو ضروري فالأول له اختيار أي له صفة يوجد الصعود عقيبها ويتوهم كونها مؤثرة فيه وتسمى تلك الصفة قدرة واختيارا دون الثاني إذ ليس له تلك الصفة بالقياس إلى سقوطه ويندفع الإشكال اللازم من تمانع قدرة الله وقدرة العبد بما ذكرناه من عدم تأثير قدرته أي قدرة العبد فلا حاجة في دفعه إلى ما ارتكبه من الغلو فإن قال جهم لا نريد بالقدرة إلا الصفة المؤثرة وإذ لا تأثير كما اعترفتم به فلا قدرة أيضا كان منازعا في التسمية فإنا نثبت للعبد ذات الصفة المعلومة بالبديهة ونسميها قدرة فإذا اعترف جهم بتلك الصفة وقال إنها ليست قدرة لعدم تأثيرها كان نزاعه معنا في إطلاق لفظ القدرة على تلك الصفة وهو بحث لفظي وإن قال حقيقة القدرة وماهيتها أنها صفة مؤثرة منعناه بأن التأثير من توابع القدرة وقد ينفك عنها كما في القدرة الحادثة عندنا المقصد الثاني المتن هل يجوز مقدور بين قادرين جوزه أبو الحسين البصري مطلقا والأصحاب بناء على إثبات قدرة للعبد غير مؤثرة مع شمول قدرة الله تعالى
(١١٨)