المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٨٥
العصبتين أو في إحديهما وأما الأحول الفطري فقلما يرى الواحد اثنين وذلك لاعتياده بالوقوف على الصواب وبالعكس أي ويرى الكثير واحدا كالرحى إذا أخرج من مركزها إلى محيطها خطوط كثيرة متقاربة في الوضع بألوان مختلفة فإنها إذا دارت سريعة جدا رؤيت تلك الألوان الكثيرة كاللون الواحد الممتزج المؤلف منها والسبب في ذلك أن ما أدركه الحس الظاهر يتأدى أولا إلى الحس المشترك ثم إلى الخيال فإذا أدرك البصر مثلا لونا وانتقل منه بسرعة إلى لون آخر كان أثر اللون الأول باقيا في المشترك عند إدراك اللون الثاني ووصول أثره إليه فيمتزج الأثران هناك فتراهما النفس لامتزاج أثريهما ممتزجين ولا تقدر على تمييز أحدهما عن الآخر وأيضا لما وقع الشعاع البصري على تلك الألوان بأسرها في زمان قليل جدا لم تتمكن النفس من تمييز بعضها عن بعض فلذلك رأتها ممتزجة ونرى المعدوم موجودا كالسراب قيل هذا من اشتباه الشيء بمثله فإن السراب ليس معدوما مطلقا بل هو الشيء يتراءى للبصر بسبب ترجرج الشعاع البصري المنعكس عن أرض سبخة كما ينعكس من الماء فيحسب لذلك ماء وما يريه صاحب خفة اليد والشعبذة مما لا وجود له في الخارج أصلا وسببه عدم تمييز النفس بين الشيء وبين ما يشبه إما بسبب سرعة الحركة من الشيء إلى شبهة وإما بسبب إقامة البدل مقام المبدل منه بسرعة على وجه لا يقف عليه إلا من يعرف تلك الأعمال وكالخط لنزول القطرة فإن القطرة إذا نزلت سريعا يرى هناك خط مستقيم ولا وجود له قطعا والدائرة لإدارة الشعلة بسرعة فإنها إذا
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»