بمعاونة الحس وأكثر أصول العلم الطبيعي المنسوب إلى أرسطو كالعلم بالسماء والعالم وبالكون والفساد وبالآثار العلوية وبأحكام المعادن والنبات والحيوان مأخوذة من الحس وعلم الأرصاد والهيئة المنسوب إلى بطليموس مبني على الإحساس وأحكام المحسوسات وعلم التجارب الطبية المنسوب إلى جالينوس مأخوذ من المحسوسات هذا وقد صرحوا بأن الأوليات إنما تحصل للصبيان باستعداد يحصل لعقولهم من الإحساس بالجزئيات فالقدح في الحسيات يؤول إلى القدح في البديهيات قالوا لو اعتبر حكم الحس فأما في الكليات أي في القضايا الكلية أو في الجزئيات أي في الأحكام الجارية على الجزئيات الحقيقية وكلاهما باطل أما الأول وهو بطلان اعتبار حكمه في الكليات فظاهر لأن الحس لا يدرك إلا هذه النار وتلك النار لا جميع النيران الموجودة في الحال ولو فرض إدراكه إياها بأسرها فليس له تعلق قطعا بأفرادها الماضية والمستقبلة فلا يعطي حكما كليا على جميع أفرادها سيما وقد ذهب المحققون إلى أن الحكم في قولنا النار حارة ليس على كل نار موجودة في الخارج في أحد الأزمنة الثلاثة فقط بل عليها وعلى جميع الأفراد المتوهمة
(٨٢)