بل نقول ذلك أعني الوجود في الوقتين مع تخلل العدم عندنا جائز وهذا أي الوجود فيهما بلا تخلله ممتنع فلا يصح قياس الثاني على الأول في الجواز أصلا وقد يقال كما أن الحكم ببقاء الأجسام ضروري يحكم به العقل بمعونة الحس كذلك الحكم ببقاء الأعراض كالألوان ضروري يحكم به العقل بمعونته أيضا والطرق المذكورة تنبيهات على حكم ضروري فالمناقشة فيها لا تجدي طائلا المقصد الثامن العرض الواحد بالشخص لا يقوم بمحلين ضرورة أي هذا حكم معلوم بالضرورة ولذلك نجزم بأن السواد القائم بهذا المحل غير السواد القائم بالمحل الآخر جزما يقينيا لا نحتاج فيه إلى فكر ولا فرق بينه أي بين جزمنا بأن العرض الواحد لا يقوم بمحلين وبين جزمنا بأن الجسم الواحد لاا يوجد في آن واحد في مكانين فكما أن الجزم الثاني بديهي بلا شبهة فكذا الأول ولسنا نقول نسبة العرض إلى المحل كنسبة الجسم إلى المكان فلو جاز حلوله في محلين لجاز حصول الجسم في مكانين حتى يرد عليه أن النسبتين ليستا على السواء لإمكان حلول أعراض متعددة معا في محل واحد وامتناع اجتماع جسمين في مكان واحد ويؤيده أي يؤيد ما ذكرناه من أن العرض يمتنع أن يقوم بمحلين أن العرض إنما يتعين ويتشخص بمحله كما مر فلو قام عرض واحد بمحلين لكان له بحسب كل محل تعين وتشخص لامتناع توارد العلتين على شخص واحد وإذا كان له تعينان كان الواحد اثنين وهو محال وليس هذا استدلالا لأن الحكم ضروري بل هو تأييد له ببيان لميته فإن الشيء المعلوم بالبديهة إذا علم بلميته اطمأن إليه النفس أكثر وإن كان الجزم اليقيني حاصلا بدونه ولم نجد له مخالفا إلا أن قدماء المتكلمين هكذا وقع في نسخ الكتاب والمشهور في الكتب وهو الصحيح أن قدماء الفلاسفة القائلين بوجود
(٥٠٦)