أن يخلق أولا لا في محل ثم يتعلق بمحل أراد الله إفناءه والأولى أن يقال المقصود تشبيه ذلك العرض بالفناء على مذهبهم في مجرد كونه منافيا للبقاء وإن افترقا في أن أحدهما قائم بالمحل دون الآخر أو بأنه قد يزول الجوهر لعرض لا يخلقه الله في عندنا يريد أن ما ذكر أولا هو طريق زوال الجواهر على رأي المعتزلة ولنا في زوالها طريق آخر وهو أن لا يخلق الله الأعراض التي لا يمكن خلو الجواهر عنها فتزول قطعا والجواب عن جواب النقض أن يقال إن جوزتم في فناء الجوهر الباقي ذلك الذي ذكرتموه من أنه يقوم به عرض ينافي بقاءه أو لا يخلق الله فيه عرضا لا يمكن بقاؤه بدونه في فليجز مثله في فناء العرض الباقي فلا يتم الدليل في أصل المدعي أيضا إلا أن تعود أنت أو يعود المستدل إلى أن العرض لا يقوم به عرض فلا يتصور فناؤه بأحد الوجهين المذكورين في فناء الجواهر والكرامية من المتكلمين احتجوا به أي بهذا الدليل على أن العالم لا يعدم ولا يصح فناء الأجسام مع كونها محدثة إذ قد بينا استلزام البقاء لامتناع الزوال وبقاء الأجسام ضروري لا شبهة فيه أصلا فيمتنع زوالها قطعا وسيأتيك في مباحث صحة الفناء على العالم زيادة بحث عن هذا الموضع يزداد بها انكشافه عليك ثم للقائلين ببقاء الأعراض طرق الأول المشاهدة فإنا نشاهد الألوان باقية فإنكار بقائها قدح من الضروريات قلنا لا دلالة لها أي للمشاهدة على أن الشاهد أمر واحد مستمر لجواز أن يكون أمثالا متواردة بلا فصل كالماء الدافق من الأنبوب يرى
(٥٠٤)