وإلا فجميع تلك الأعراض المتسلسلة حاصلة لا في محل وقد عرفت بطلانه لامتناع قيام العرض واحدا كان أو متعددا بنفسه بل لا بد له من محل يقوم به وإن انتهت الأعراض المقوم بها إلى الجوهر فالكل قائم به لأن الكل تابع لذلك الجوهر في تحيزه وحينئذ فلا يكون عرض قائما بعرض والمقدر خلافه وهما أي هذان الوجهان ضعيفان أما الأول فلأنا لا نسلم أن القيام هو التحيز تبعا لما ذكرتم بل هو الاختصاص الناعت وهو أن يختص شيء بآخر اختصاصا يصير به ذلك الشيء نعتا للآخر والآخر منعوتا به فيسمى الأول حالا والثاني محلا له كاختصاص الجسم لا كاختصاص الماء بالكوز ويحققه أي يحقق أن معنى القيام هذا دون ذلك أمران الأول أن التحيز صفة للجوهر قائم به وليس التحيز متحيزا تبعا لتحيزه وإلا كان الشيء الذي هو التحيز مشروطا بنفسه إن قلنا بوحدة التحيز القائم بذلك الجوهر إذ لا بد أن يقوم التحيز أولا بالجوهر حتى يتبعه غيره في التحيز فإذا كان ذلك الغير نفس التحيز فقد اشترط قيامه بالجوهر بقيامه بالجوهر وهو اشتراط الشيء بنفسه أو تسلسل إن قلنا بتعدد التحيز القائم بالجوهر فيكون قيام كل تحيز به مشروطا بقيام تحيز آخر به قبله وهكذا إلى ما لا نهاية له الأمر الثاني أوصاف الباري تعالى قائمة به كما سنبينه من غير شائبة تحيز في ذاته وصفاته وأما الوجه الثاني فلأنه لا ينفي أن يقوم عرض بعرض ثان وذلك العرض الثاني بآخر مترتبة إلى أن ينتهي إلى الجوهر فيكون بعضها تابعا لذلك الجوهر في تحيزه ابتداء والبعض الآخر تابعا للبعض الأول وليس يلزم من ذلك كون الكل قائما بالجوهر وتابعا له في تحيزه ابتداء بل هناك ما يتبعه في ذلك بواسطة والقول بأن التابع لا يكون متبوعا لآخر إذ ليس هذا أولى من عكسه ممنوع لجواز أن يكون أحدهما لذاته
(٤٩٦)