المواقف - الإيجي - ج ١ - الصفحة ٤٩٢
ليست عرضا بل جوهرا والقائلون به أي بوجود العرض اتفقوا على أنه لا يقوم بنفسه إلا شرذمة قليلة لا يبالي بشأنهم كأبي الهذيل العلاف ومن تبعه من البصريين فإنه جوز إرادة عرضية تحدث لا في محل وجعل الباري تعالى مريدا بها أي بتلك الإرادة والضرورة كافية لنا في هذين المقامين فإنا ندرك الأعراض من الألوان والأضواء والأصوات والطعوم والروائح والحرارة والبرودة وغيرها بحواسنا ولا نشك في أنها مما لا يجوز قيامها بنفسها ودعوى كون الإرادة قائمة بنفسها وكون الباري مريدا بها مع استواء نسبتها إليه وإلى غيره مكابرة صريحة المقصد الخامس في أن العرض لا ينتقل من محل إلى محل على قياس انتقال الجسم من مكان إلى مكان وهذا حكم قد اتفق العقلاء على صحته فعند المتكلمين لأن الانتقال إنما يتصور في المتحيز وذلك لأن الانتقال هو حصول الشيء في حيز بعد أن كان في حيز آخر وهذا المعنى لا يتحقق إلا في المتحيز والعرض ليس بمتحيز وفيه نظر فإن ذلك الانتقال المفسر بما ذكر هو انتقال الجوهر من مكان إلى آخر وأما انتقال العرض الذي كلامنا فيه فهو أن يقوم عرض بعينه بمحل بعد قيامه بمحل آخر وليس هذا مما لا يتصور في العرض بل لا بد لنفيه عنه من برهان لا يقال هو حال الانتقال إما في المحل الأول أو الثاني وكلاهما باطل لأن كونه في المحل الأول استقرار فيه متقدم على الانتقال عنه وكونه في المحل الثاني ثبوت فيه متأخر عن الانتقال إليه وإما في محل آخر ويعود الكلام إلى انتقاله إلى هذا المحل ويلزم ذلك المحذور لأنا نقول جاز أن يكون انتقال العرض دفعيا لا تدريجيا فيكون آن مفارقته عن محله هو آن مقارنته لمحل
(٤٩٢)
مفاتيح البحث: الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 ... » »»